السياسة الخارجية المصرية وصفقة الغاز مع إسرائيل: قراءة استراتيجية شاملة في موازين القوة حتى 2026

أصبحت السياسة الخارجية المصرية وصفقة الغاز مع إسرائيل من أكثر القضايا إثارة للجدل في الفترة الأخيرة، خاصة بعد سلسلة من المقالات والتقارير الصادرة عن صحف إسرائيلية ومراكز أبحاث دولية مثل تشاتام هاوس. هذه التقارير طرحت أسئلة حساسة:
- هل استجابت مصر لضغوط إسرائيل وسحبت قواتها من سيناء؟
- هل تمثل صفقة الغاز الضخمة بين مصر وإسرائيل تحولًا سياسيًا في العلاقات بين البلدين؟
- وهل ستغير مصر سياستها الخارجية بحلول عام 2026؟
في هذه المقالة، نقدم تحليلًا متكاملًا وعميقًا لـ السياسة الخارجية المصرية وصفقة الغاز مع إسرائيل، بالاعتماد الكامل على الأفكار والمعطيات الواردة في النص الأصلي، دون إضافة معلومات غير ضرورية، مع تبسيط المشهد وكشف ما غاب عن كثيرين.
خلفية المشهد: لماذا أُثير الجدل حول السياسة الخارجية المصرية؟
الجدل الحالي لم يأتِ من فراغ، بل نتج عن ثلاث مقالات محورية:
- مقال في صحيفة إسرائيلية زعم أن الجيش المصري بدأ سحب وحداته من سيناء استجابة لضغوط نتنياهو.
- مقال تحليلي تساءل عن سبب غياب الاحتفالات بصفقة الغاز التاريخية بين مصر وإسرائيل رغم قيمتها الضخمة.
- دراسة صادرة عن تشاتام هاوس ناقشت مستقبل السياسة الخارجية المصرية في عام 2026، وهل ستظل متحفظة أم تتجه لمسار مختلف.
قراءة هذه المقالات معًا تكشف رؤية أوسع وأكثر تعقيدًا لموقع مصر الإقليمي وحساباتها الاستراتيجية.
صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل: اقتصاد أم سياسة؟
لماذا لم نرَ احتفالات بصفقة الـ35 مليار دولار؟
تُعد صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل الأكبر في تاريخ إسرائيل، وتبلغ قيمتها نحو 35 مليار دولار. ورغم ذلك، لم نشهد أي مظاهر احتفال لا في الإعلام المصري ولا الإسرائيلي، وهو أمر لافت للنظر.
السبب الأساسي من الجانب المصري هو أن الدولة تعاملت مع الصفقة باعتبارها صفقة تجارية اقتصادية بحتة، لا تحمل أي دلالات سياسية، ولا تعكس تغييرًا في المواقف أو العلاقات.
في المقابل، حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إعطاء الصفقة بُعدًا سياسيًا، وظهر في خطاب رسمي يتحدث عنها وكأنها إنجاز استراتيجي، وهو ما يعكس اختلافًا واضحًا في طريقة النظر للاتفاق.
تعقيد العلاقات المصرية الإسرائيلية: واقع لا يتغير

لماذا لن تغيّر صفقة الغاز سلوك مصر؟
العلاقات بين مصر وإسرائيل لم تكن يومًا علاقات طبيعية أو ودية، بل علاقات معقدة تحكمها حسابات أمنية واستراتيجية.
حتى مع توقيع صفقة غاز بهذا الحجم، فإن جوهر العلاقة لم ولن يتغير.
أحد الأسباب الرئيسية لذلك هو ما جرى في شرم الشيخ، حيث تم الإعلان عن نهاية مخطط تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، وهو المخطط الذي كان أحد الأسباب الجوهرية لحرب طوفان الأقصى. هذه الخطوة أغلقت حلمًا استراتيجيًا لإسرائيل، ولن تنساه تل أبيب بسهولة.
لذلك، فإن السياسة الخارجية المصرية وصفقة الغاز مع إسرائيل لا تعني بأي حال من الأحوال تقاربًا سياسيًا أو تنازلًا مصريًا.
مصر بعد اختبار قطع الغاز الإسرائيلي
تجربة 2023 – 2025 غيرت قواعد اللعبة
من النقاط الجوهرية التي يغفل عنها كثيرون أن إسرائيل سبق وقطعت أو خفضت إمدادات الغاز إلى مصر في أعوام 2023 و2024 وبداية 2025، بحجة صيانة الحقول.
ماذا فعلت مصر؟
- استقدمت سفن تغييز.
- لجأت لشراء شحنات غاز من السوق العالمية.
- أعادت ترتيب أولويات الطاقة محليًا.
هذه التجربة أثبتت أن مصر قادرة على الوقوف على قدميها دون الغاز الإسرائيلي، وهو ما جعل موقفها أقوى بكثير في أي مفاوضات لاحقة.
الاستكشافات الجديدة: مصر ليست رهينة الغاز الإسرائيلي
عززت مصر موقفها عبر:
- إعادة العمل بقوة في حقل ظهر.
- دعوة شركات عالمية مثل شيفرون للاستثمار في التنقيب غرب الضبعة في المياه العميقة.
- التزام شيفرون باستثمارات لا تقل عن 100 مليون دولار.
لهذا السبب تحديدًا، لم تُبالغ مصر في الاحتفاء بالصفقة، لأن تأثيرها على الاقتصاد المصري محدود مقارنة بالماضي.
حقيقة انسحاب الجيش المصري من سيناء
هل استجابت مصر لضغوط نتنياهو؟
الادعاءات حول انسحاب الجيش المصري من سيناء لم تستند إلى:
- أي بيان رسمي مصري.
- أي وكالة أنباء عربية أو دولية موثوقة.
- حتى الصحف الإسرائيلية نفسها لم تقدم دليلًا قاطعًا.
والأهم أن كتابًا ومحللين إسرائيليين أقرّوا بأن موقف مصر اليوم أقوى مما كان عليه قبل طوفان الأقصى.
حتى لو افترضنا وجود تحركات عسكرية محدودة، فهي لا ترقى إلى انسحاب شامل، ولا تشمل عشرات الآلاف من الجنود، بل قد تكون إجراءات روتينية.
لماذا الوجود العسكري المصري في سيناء غير قابل للتراجع؟
الوجود العسكري المصري في سيناء لا يهدف فقط لمحاربة الإرهاب، بل له هدف استراتيجي أعمق: منع تهجير الفلسطينيين إلى الأراضي المصرية. في ظل تصريحات إسرائيلية عن فتح معبر رفح في اتجاه واحد، لا يمكن لمصر أن تقلل من وجودها العسكري، خاصة مع استمرار الوجود الإسرائيلي في محور فيلادلفيا.
النموذج التركي: الاقتصاد شيء والسياسة شيء آخر
تركيا، رغم عدائها السياسي العلني لإسرائيل، لم توقف مرور النفط الأذربيجاني إلى إسرائيل عبر خط باكو–جيهان.
الدرس هنا واضح:
- التلاسن السياسي لا يمنع الصفقات الاقتصادية.
- المصالح تُدار ببراغماتية.
لكن الفارق أن مصر اليوم أقل اعتمادًا على إسرائيل مقارنة بتركيا، ما يمنحها هامش مناورة أوسع.
السياسة الخارجية المصرية حتى 2026: رؤية تشاتام هاوس
وفقًا لمركز تشاتام هاوس، تقوم السياسة الخارجية المصرية على ثلاث ركائز أساسية:
1. تأمين الحدود المصرية
مصر تسعى لتهدئة جميع حدودها:
- ليبيا
- السودان
- غزة
- لبنان
وتتعامل مع التهديدات في مهدها، لا بعد وصولها للحدود.
2. الحفاظ على الاستقرار الداخلي
الاستقرار الداخلي يُعد أولوية قصوى، لأنه الأساس لأي سياسة خارجية فعالة.
3. بناء اقتصاد قوي ومحاربة الديون
ترى مصر أن الديون هي التهديد الأكبر للأمن القومي، وليس الحروب الخارجية.
التاريخ، وخاصة تجربة الخديوي إسماعيل، علّم مصر أن الديون قد تؤدي إلى فقدان السيادة.
ملفات التدخل الإقليمي: احتواء لا تصعيد
ليبيا: من تهديد إلى فرصة
تحول الملف الليبي من خطر أمني إلى فرصة اقتصادية:
- شركات مصرية تنفذ مشاريع بنية تحتية بمليارات الدولارات في طرابلس.
- تعاون اقتصادي متزايد مع الأطراف الليبية المختلفة.
السودان: دعم الاستقرار لا الحرب
تدعم مصر الجيش السوداني للحفاظ على توازن الدولة ومنع الانهيار، دون الانجرار لحرب مباشرة.
غزة ولبنان: خطوط حمراء ودبلوماسية نشطة
مصر وضعت خطوطًا حمراء في غزة، وسعت لمنع توسع الحرب إلى لبنان، مع تحركات دبلوماسية لتخفيف التوتر الإقليمي.
لماذا لا تسعى مصر للحرب؟
مصر لا تخطط:
- لضرب سد النهضة.
- للدخول في حرب في اليمن.
- لشن حروب استباقية.
السياسة المصرية قائمة على التهدئة، لأن المعركة الأساسية هي المعركة الاقتصادية الداخلية.
ما بعد 2026: هل تتغير السياسة الخارجية؟
تشير رؤية تشاتام هاوس إلى أن مصر قد تعيد تقييم سياستها الخارجية فقط إذا نجحت في خفض الديون وبناء اقتصاد أقوى.
حتى ذلك الحين، ستظل السياسة الخارجية المصرية حذرة، عقلانية، وغير اندفاعية.
السياسة الخارجية المصرية وصفقة الغاز مع إسرائيل: الخاتمة
في النهاية، يتضح أن السياسة الخارجية المصرية وصفقة الغاز مع إسرائيل لا تعكسان ضعفًا أو خضوعًا، بل تعكسان استراتيجية محسوبة بدقة.
مصر:
- تجاوزت اختبار قطع الغاز.
- عززت استقلالها في الطاقة.
- حافظت على وجودها العسكري في سيناء.
- اختارت التركيز على الاقتصاد ومحاربة الديون بدل الانخراط في حروب.
ومع اقتراب عام 2026، تظل مصر ثابتة على معادلتها: استقرار داخلي + اقتصاد قوي = سياسة خارجية متزنة وقوية.
“قد يهمك: Air Jordan 8 Bugs Bunny 2025 Review“
أسئلة شائعة حول السياسة الخارجية المصرية وصفقة الغاز مع إسرائيل
هل صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل سياسية؟
من وجهة النظر المصرية، هي صفقة اقتصادية بحتة بلا أبعاد سياسية.
هل انسحب الجيش المصري من سيناء؟
لا توجد أي أدلة أو بيانات رسمية تؤكد ذلك.
هل تعتمد مصر على الغاز الإسرائيلي؟
اعتماد مصر تراجع بشكل كبير بعد تنويع مصادر الطاقة.
هل ستغير مصر سياستها الخارجية في 2026؟
التغيير مرتبط بتحسن الوضع الاقتصادي وخفض الديون.
لماذا لم تحتفل مصر بصفقة الغاز؟
لأن تأثيرها الاقتصادي محدود، ولا ترغب مصر في تسييسها.



