تعريف الحضارة الإسلامية؛ لغة واصطلاحا ومفهومها وأهم خصائصها

تعريف الحضارة الإسلامية؛ لغة واصطلاحا ومفهومها وأهم خصائصها

تعريف الحضارة الإسلامية (Definition of Islamic Civilization)؛ إن لكل حضارة من الحضارات أسس تقوم عليها، ومحاور تدور حولها. تقوم هذه الأسس بتشكيل المنهج الفكري للأمة، وتحديد الإطار الذي تسير عليه، وهو الذي يحدد هويتها ومعالمها، فهو عملية فكرية في مقامها الأول تبدأ فور إدراكنا محور هذه الحضارة، حيث يجب أن تسير عملية البناء في فلك هذا المحور، فلا تشذ عنه ولا تتعارض معه. من المعروف أن مصادر هذه الأسس تختلف من أمة إلى أخرى، فقد يكون مصدرها تشريع سماوي أو قانون وضعي أو عادات أو تقاليد سائدة في المجتمع. في هذا المقال سوف نتعرف على تعريف الحضارة الإسلامية، وأهم 3 أسس لحضارة المسلمين التي جعلت منها أفضل حضارات العالم.


تعريف الحضارة لغة واصطلاحاً

قبل التعرف على تعريف الحضارة الإسلامية، سوف نتعرف أولاً على تعريف الحضارة لغة واصطلاحاً. فيما يخص تعريف الحضارة في اللغة: فإن كلمة حضارة مأخوذة من كلمة الحضر، وهي تقابل البداوة وما يسيطر عليها من حياة الرعي والتنقل في البداوي والصحراء، وقد استعمل ابن خلدون لفظ الحضارة المشتقة من الإقامة في الحضر، وعرفها بأنها أحوال عادية زائدة عن الضروري من أحوال العمران وهي السكون والدعة ورقة الحاشية والتفنن في الترف واستجادة أحواله.

أما بخصوص تعريف الحضارة في الاصطلاح: انقسم الباحثون في تعريفهم للحضارة إلى صنفين. الأول: يرى أن مفهوم الحضارة يعني مجموعة من الظواهر الفكرية التي تسود أي مجتمع من المجتمعات، ومن رواد هذا الاتجاه العالم توماس مان: الذي يرى أن الحضارة هي الروح العميقة للمجتمع، وأنها النظام الذي يعين الإنسان على زيادة إنتاجه الثقافي.

الصنف الثاني: يمثل هذا الاتجاه العالم إدوارد تايلور: الذي يؤكد أن الحضارة هي التقدم الروحي والمادي للأفراد والجماهير على السواء.

يتضح لنا أن التعريف الأخير للحضارة هو الأقرب للصواب، فلا يمكن إسقاط العلاقة بين المظاهر المادية والفكرية في حياة الشعوب والأمم، ولا نفي التأثير المتبادل بينهما.

“تعرف على: طرق استقبال رمضان 2023


تعريف الحضارة الإسلامية ومفهومها

صورة بها أحد المعالم الإسلامية من الداخل وذلك عند الحديث عن مفهوم الحضارة الإسلامية
مفهوم الحضارة الإسلامية

عند الحديث عن مفهوم الحضارة الإسلامية، يمكن القول بأنها ناتج تفاعل ثقافات الشعوب التي دخلت في الإسلام، سواء تصديقاً أو اعتقاداً أو انتساباً، وهي خلاصة لتلاقح هذه الثقافات والحضارات التي كانت قائمة في المناطق التي وصلت إليها الفتوحات الإسلامية، وانصهارها في بوتقة المبادئ والقيم والمُثل التي جاء بها الإسلام هداية للناس كافة، فهي نشاط فكري إنساني تمت صياغته في إطار القيم الروحية والأخلاقية المستمدة من العقيدة الإسلامية.

“اطلع على: تزكية النفس


خصائص الحضارة الإسلامية

صورة ملتقطة لأحد المساجد الإسلامية من الخارج وذلك عند الحديث عن خصائص الحضارة الإسلامية
ما هي خصائص الحضارة الإسلامية؟

تحتل الحضارة الإسلامية مكانة رفيعة بين الحضارات الكبرى التي ظهرت في تاريخ البشرية، كما إنها من أطول الحضارات عمراً، وأعظمها أثراً في الحضارة العالمية، كما يقول غوستاف لوبون (Gustave Le Bon). في سياق ذلك: لا نرى في التاريخ أمة ذات أثر بارز كالعرب، فجميع الأمم التي اتصل بها العرب اعتنقت حضارتهم ولو حينا من الزمن، وقد اعتبر عدد هائل من المفكرين أن الحضارة الإسلامية عديمة النظير، متميزة عن غيرها في الجوهر والمضمون، وأرجع هؤلاء ذلك التميز والتفرد فيها عن غيرها من حضارات الأمم إلي عوامل عديدة من أهمها خصائص الحضارة الإسلامية.

تنقسم خصائص الحضارة الإسلامية إلى 3 أقسام وهي:

  1. العقيدة في الإسلام.
  2. الشمولية في الإسلام.
  3. الحث على العلم في الإسلام.
في التالي سوف نتعرف بشكل من التفصيل عن كل قسم من خصائص الحضارة الإسلامية.

“اقرأ كذلك: ما هي الأرزاق المنسية


العقيدة في الإسلام

صورة ملتقطة من داخل مسجد شهير، تبين روعة وفن المسلمين في الإنشاء والبناء، وإبراز أسس العقيدة الصحيحة
العقيدة الإسلامية الصحيحة

من أهم خصائص الحضارة الإسلامية، أنها قامت على أساس الوحدانية المطلقة في العقيدة، فهي أول حضارة تنادي بالإله الواحد الذي لا شريك له في الملك وهو وحده الذي يُعبد ويُقصد، وهو الذي يعز ويذل، ويعطي ويمنح، وما من شيء في السموات والأرض إلا وهو تحت قدرته وفي متناول قبضته. كما كان لهذه العقيدة الإسلامية أثر كبير في الحضارة الإسلامية تكاد تتميز به عن كل الحضارات السابقة واللاحقة، وهي خلوها من كل مظاهر الوثنية وآدابها وفلسفتها، وقد أخرج الإسلام الناس من عبادة الأوثان إلى عبادة اللّه.

كما أثر ذلك في رفع مستوى الإنسان وتحرير الجماهير من طغيان الملوك والأشراف والأقوياء ورجال الدين، وتصحيح العلاقة بين الحاكمين والمحكومين، وتوجيه الأنظار إلى اللّه وحده وهو خالق الخلق ورب العالمين.

إن كُتاب العالم الغربي يقولون: إن الحضارة الإسلامية مأخوذة من الحضارات القديمة مثل اليونانية والرومانية، وأن العقلية العربية بدّلت الصورة الظاهرة لكل هذه الحضارات وركبتها في أسلوب جديد، مما جعلها تظهر بصورة مستقلة، وهذه فكرة خاطئة لا أساس لها من الصحة، فالحضارة الإسلامية في ذاتها وجوهرها إسلامية خالصة، كما أنها تختلف اختلافاً كبيراً عن باقي الحضارات الأخرى، لأنها تنبعث من العقيدة الإسلامية وتستهدف لتحقيق الغاية الإسلامية، ألا وهي إعمار الكون بشريعة اللّه لنيل رضاة، لا مجرد تحقيق التقدم المادي، ولو كان ذلك على حساب الإنسان والدين كما هو الحال في حضارات أخرى.

نفهم من ذلك: أن العقيدة الإسلامية هي التي تنبع من وحي رسالة سماوية، وتمد الحضارة بالروح والقوة والتماسك، وتوجهها إلى الموازنة الدقيقة بين مقاصد الروح ومطالب الجسد، والبعد عن الزهد المعطل للحياة. عند تعريف الحضارة الإسلامية يجب العلم أن العقيدة الإسلامية شيء أساسي في هذه الحضارة العظيمة.

لقد كان الفرد المسلم إنساناً صالحاً، وكانت الأمة أمة فريدة في توحدها على عقيدة التوحيد، وفي ظل حضارة الإسلام انعقدت الصلة بين الأرض والسماء، وبين الحياة الدنيا والآخرة، وبين النشاط المالي والقيم الأخلاقية، وهذا أعظم ما يصل إليه الإنسان في الأرض، وبهذا يكون متحضراً.

“اقرأ أيضًا: فضل القرآن الكريم


الشمولية في الإسلام

تأتي الشمولية في الإسلام ضمن الأسس التي يقوم عليها تعريف الحضارة الإسلامية، حيث أن الإسلام دين شامل، وقد ظهرت هذه الشمولية واضحة جليّة في عطاء الإسلام الحضاري، فهو يشمل كل جوانب الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والفكرية، كما أن الإسلام يشمل كل متطلبات الإنسان الروحية والعقلية والبدنية، فالحضارة الإسلامية تشمل الأرض ومن عليها إلى يوم القيامة، فهي حضارة ذات أسس ثابتة مع مرونة توافق طبيعة كل عصر، من حيث تنفيذ هذه الأسس من أجل مصلحة الناس والشعوب، والتي تتجلى في رد كل شيء إلى اللّه عز وجل، وشمول إرادته وتدبيره وسلطانه لكل شيء.

نفهم من ذلك أن الشمولية والعالمية أحد أهم الأسس التي جعلت من الحضارة الإسلامية أحد أفضل حضارات العالم وأعظمها شأنّ، وما تميزت به من قمة رفيعة من المجد الخالد، لم ترق إلى مثلها آية أسس حضارية أخرى.

“اقرأ أيضاً: الاستعداد لشهر رمضان المبارك 2023


الحث على العلم في الإسلام

من أهم الدلائل التي تشير إلى اهتمام القرآن الكريم بالعلم، وإن أساس نشأة حضارة القرآن الكريم قامت على العلم، أن كانت أول آية قرآنية تنزل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تحث فيها المسلمين على العلم والتعلم. قال اللّه عز وجل: (اقْرأ باسْم ربّك الّذي خلق، خلق الْإنْسان منْ علق، اقْرأ وربّك الْأكْرم، الّذي علّم بالْقلم، علّم الْإنْسان ما لمْ يعْلمْ) (سورة العلق).

كما أدى ذلك إلى: انتشار العلم والحضارة في المملكة الإسلامية، كما كثرت فيها أرقى الصناعات على اختلافها، وما تركه المسلمون من تراث علمي لأكبر شاهد على ذلك، ولقد تلمست أوربا الحضارة الإسلامية فاستقت من روافدها العلوم والمعرفة من الفلك والجبر والحساب والطب والزراعة وسائر أنواع الفنون الحضارية.


أخيراً فإن الحضارة الإسلامية لا تحددها حدود مكانية، ولا حدود زمنية، فكل مكان من الأرض هدف لإقامة الحضارة الإسلامية عليه، وكل زمان من الدهر هدف لإقامة الحضارة الإسلامية فيه، وقد تحدثنا في هذا المقال عن تعريف الحضارة الإسلامية “Definition of Islamic Civilization”، وأهم خصائصها والأسس التي جعلت من الحضارة الإسلامية قمة رفيعة من المجد الخالد لم ترق إلى مثلها أية أسس حضارية أخرى، وهي: العقيدة في الإسلام، والشمولية في الإسلام، والحث على العلم في الإسلام. كما تعرفنا على تعريف الحضارة لغة واصطلاحاً.

 

تابع موقعنا

تعليقات (0)
إغلاق