تأثير الصيام على الجسم أكبر مما نعتقد – الجزء الأول

كما تعلم، عندما أخبرني أحدهم لأول مرة عن الصيام، لم أفكر فيه على الإطلاق. اعتقدت أنه مجرد موضة عابرة. كنت أقول في نفسي: “الصيام؟ ماذا سيفعل؟ إنه مجرد تخطي للوجبات!” لم يكن منطقيًا بالنسبة لي. لكن استمر هذا الموضوع في الظهور مرارًا وتكرارًا، حتى قررت أخيرًا أن أبحث فيه. وبمجرد أن فهمت حقيقته، اكتشفت أن الصيام هو أفضل شيء يمكنك القيام به لصحتك، وأقوى وسيلة لفقدان الوزن. إنه علاج للعديد من المشاكل، بما في ذلك السرطان، وذلك لأنه يعالج السبب الجذري العميق لمعظم المشاكل الصحية، وهو مقاومة الأنسولين وتلف الميتوكوندريا.

---

ما هو الصيام المتقطع؟

لذلك، بغض النظر عن حالتك الآن، سأريك كيف يمكنك الانتقال إلى هذا الأمر بالسرعة التي تناسبك، سواء ببطء أو بسرعة. إذن، ما هو الصيام المتقطع؟ إنه ليس نظامًا غذائيًا، بل هو مجرد نمط من الأكل والتوقف عن الأكل. إنه يحاكي ما صُمم جسمك للقيام به. لم تُصمم أجسامنا لتناول الطعام على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، لأن ذلك يؤدي إلى زيادة الوزن والالتهابات وتدمير خلايا الدماغ والجهاز المناعي.

---

فوائد الصيام المتقطع

لذا، إذا عكسنا هذا الأمر وبدأنا في تناول الطعام بوتيرة أقل، ستحدث أشياء مذهلة على مستوى أعمق. ستتحكم في بعض الهرمونات، وستقلل من مستوى الأنسولين، مما سيمكنك من الوصول إلى مخازن الدهون لديك. لأنك، ببساطة، كلما كان الأنسولين مرتفعًا، لا يمكن لجسمك الوصول إلى الدهون. يجب خفض الأنسولين حتى يتمكن جسمك من حرق الدهون المخزنة. إذا فهمت هذا الأمر جيدًا، فستدرك كم هو بسيط إنقاص الوزن، أليس كذلك؟ كل ما عليك فعله هو تعديل هذه الهرمونات.

يجب أن تحافظ على مستويات الأنسولين منخفضة قدر الإمكان، وفي الوقت نفسه، تحفيز هرمون النمو، وهو ما يحدث بشكل طبيعي أثناء الصيام. ومن المؤشرات القوية التي تدل على أن الصيام يعمل، هو اختفاء الشعور بالجوع. فكر في هذا للحظة! عندما يختفي الشعور بالجوع، أليس هذا أكبر عائق أمام الالتزام بأي نظام غذائي؟ إذا لم تكن تشعر بالجوع طوال الوقت، ألن يكون من الأسهل الاستمرار في أي برنامج غذائي؟ والإجابة هي: نعم، بالتأكيد!

أما الفائدة التالية، والتي أفضّلها شخصيًا، فهي الفوائد العقلية والمعرفية. فعندما أمارس الصيام المتقطع، يعمل دماغي بشكل أفضل بكثير. لم أكن أدرك من قبل إلى أي مدى كان تناول الطعام المتكرر يدمر عقلي ويبقيني في حالة من التشوش الذهني، كما لو أنني كنت أرتدي خوذة ثقيلة على رأسي طوال الوقت، أشعر بغيمة ضبابية ولم أكن أستطيع الاستيقاظ ذهنيًا. لذلك، من الناحية العقلية، الصيام المتقطع رائع للغاية! فهو يساعدك على التركيز، ويعزز قدرتك على التذكر، ويحسن مستوى تركيزك.

الصيام المتقطع والتخلص من الاكتئاب

ومن الفوائد الأخرى التي يجلبها الصيام المتقطع، أنه يعزز حالتك المزاجية. إذا كنت تعاني من الاكتئاب من قبل، أو كنت تشعر بالقلق، فلن تعاني منه بعد الآن. يوجد فيديو على اليوتيوب يحكي قصة حقيقة مذهلة لشخص كان يريد الانتحار. كان مكتئبًا بشدة، والطريقة التي قرر أن ينهي بها حياته كانت عن طريق تجويع نفسه حتى الموت. لذلك، أغلق باب غرفته وإنه فقط يستلقي على السرير.

في اليوم الأول، يستيقظ لكنه لا يزال على قيد الحياة. في اليوم الثاني، يستيقظ ولا يزال على قيد الحياة. في اليوم الثالث، يستيقظ لكنه يشعر بالتحسن، لم يعد مكتئبًا. يفتح باب الغرفة، يخرج ويقول: “ما الذي يحدث؟ لماذا أشعر أنني بحالة جيدة الآن؟ لن أقتل نفسي!”

بدأ في البحث عبر الإنترنت عن الصيام وما يحدث عندما لا تأكل، ثم صادف موضوع الصيام ووجد أحد المواقع الإلكترونية المتخصصة في الصيام المتقطع. على أي حال، فقد الكثير من الوزن، ولم يعد مكتئبًا، ولم يعد لديه أفكار انتحارية، وأصبح شخصًا أكثر سعادة. لديه الآن قصة نجاح رائعة، وكل ذلك بدأ مع هذا الصيام المذهل.

الفرق بين الصيام والتجويع

لذا، يمكن للصيام أن يساعدك في إصلاح دماغك. ومن المهم أن تدرك أن الصيام ليس تجويعًا. هناك فرق بينهما. التجويع يحدث عندما يبدأ جسمك في استهلاك بروتين العضلات وأعضاء الجسم بعد أن يستهلك جميع مخزون الدهون لديك.

انظر، الدهون الموجودة في جسمك موجودة لمساعدتك على البقاء عندما لا تأكل. فكر في ذلك للحظة! عندما لا تأكل، لن يبدأ جسمك فورًا في استخدام عضلاتك كمصدر للطاقة، بل سيستهلك الدهون المخزنة لديك لفترة معينة من الزمن. وعندما تنفد الدهون، عندها فقط يبدأ الجسم في استهلاك العضلات، وهذا هو التجويع الحقيقي. ولكن ما يجب أن تعرفه هو أن معظم الناس لديهم كميات زائدة من الدهون، وسيستغرق الأمر وقتًا طويلاً قبل أن يصل الجسم إلى العضلات.

في الواقع، الشخص العادي الذي ليس لديه وزن زائد يمتلك ما يزيد عن 100,000 سعرة حرارية من الطاقة المخزنة في خلايا الدهون. هذا يعني أنك لن تتعرض للمجاعة إذا تخطيت بضع وجبات. لكن ما هو مضحك حقًا هو أنه عندما يبدأ شخص ما في الصيام لأول مرة، يشعر بالقلق من قدرته على تحمل ساعات طويلة بدون طعام، لذلك يتناول وجبة ضخمة كما لو كانت آخر وجبة له في الحياة!

لكن بمجرد أن تعتاد على الصيام، بعد بضعة أيام يصبح الأمر أسهل، وتبدأ في رؤية النتائج، مما يعزز ثقتك بنفسك. لن تشعر بالجوع العاطفي، بل ستشعر بسعادة أكبر. الفائدة الثانية هي أن جهازك المناعي سيصبح أقوى. سأتحدث قليلاً عن الصيام المطول، وهو الصيام لعدة أيام أو أكثر. هذا النوع من الصيام يمكن أن يعزز جهازك المناعي بشكل كامل ويساعد على توليد الخلايا الجذعية، مما يعني أنك عمليًا تعيد بناء جهاز مناعتك من جديد، وهذا أمر مذهل.

الالتهام الذاتي ومكافحة الشيخوخة مع الصيام

أما الفائدة الأخرى الرائعة للصيام فهي تحفيز عملية “الالتهام الذاتي” أو Autophagy، والتي تعني “الأكل الذاتي”. خلال هذه العملية، تقوم خلايا جسمك بتنظيف الخلايا التالفة، وتجديدها، وإعادة تدويرها إلى خلايا جديدة وصحية.

إذًا، الأمر يشبه إلى حد ما التخلص من النفايات ولكن بمفعول مضاعف، حيث يبدأ جسمك في تنظيف كل شيء، ثم يبدأ في إنتاج خلايا جديدة.لهذا السبب، عندما يمارس الناس الصيام، خاصة الصيام المتقطع بشكل روتيني ومستمر، فإنهم يلاحظون تأثيرًا واضحًا لمكافحة الشيخوخة. تبدأ في الظهور بمظهر أصغر سنًا، وتتحسن صحة بشرتك ومفاصلك، كما يقل مستوى الالتهابات في جسمك.

هنا نقطة أخرى مهمة: الالتهاب. فكّر في عدد الأمراض والحالات الصحية التي ترتبط بالالتهابات – أمراض القلب، أمراض المناعة الذاتية، التهاب المفاصل – كلها تتعلق بالالتهابات. حسنًا، فائدة أخرى للصيام المتقطع هي أنك ستوفر الكثير من المال على مشتريات الطعام، لأنك لن تكون بحاجة إلى تناول كل تلك الوجبات الخفيفة. ستأكل بوتيرة أقل، وقد حسبت أن الشخص العادي يمكنه توفير ما بين 100 إلى 300 أو حتى 600 دولار أمريكي شهريًا بمجرد تقليل استهلاك الطعام غير الضروري.

“قد يهمك: السكر الوحيد الذي لا يرفع نسبة السكر في الدم“

إصلاح عملية الأيض ضمن تأثير الصيام على الجسم

أريد أن أوضح أن الأمر لا يتعلق فقط بتقليل السعرات الحرارية، ولكن عندما تمارس الصيام المتقطع، فإن احتياجك للطعام يقل، ويصبح جسمك أكثر كفاءة، وبالتالي يمكنك العيش على سعرات حرارية أقل دون أن تتأثر صحتك. متطلباتك الغذائية تصبح أقل لأن جسمك يتكيف مع ذلك. وعندما نتحدث عن فقدان الوزن والتمثيل الغذائي البطيء، فالصيام لا يؤدي إلى إبطاء عملية التمثيل الغذائي، بل يعمل على إصلاح المشكلة الأساسية وراء بطء الأيض، والتي غالبًا ما تكون مقاومة الأنسولين.

إذا حاولت إنقاص الوزن ووصلت إلى مرحلة ثابتة لا تستطيع تجاوزها، فهذا هو ما يُعرف بـ “نقطة التوازن” الخاصة بجسمك، وهي تتحكم فيها مقاومة الأنسولين. لذا، بمجرد أن تصوم لفترة زمنية معينة، يمكنك تصحيح هذه المشكلة وخفض نقطة التوازن هذه، مما يساعدك في فقدان الوزن بطريقة أكثر استدامة.

بعبارة أخرى، عند ممارسة الصيام، فأنت في الواقع تعمل على إصلاح عملية الأيض (Metabolism) لديك، لأن المشكلة الحقيقية وراء بطء التمثيل الغذائي هي الأنسولين. تذكّر أن الأنسولين هو العامل الأساسي الذي يحدد ما إذا كان جسمك سيحرق الدهون أم لا. من خلال الصيام، يمكننا خفض مستويات الأنسولين بشكل عام، مما يسمح للجسم بالوصول إلى مخازن الدهون لاستخدامها كمصدر للطاقة.

هناك جانب آخر رائع للصيام، وهو أنه يمنحك وقتًا إضافيًا، لأنك لن تكون مشغولًا دائمًا بتناول الطعام وتحضير الوجبات. كما أنه يمنح جهازك الهضمي فرصة للراحة وإعادة التهيئة، بدلاً من العمل على مدار الساعة بسبب تناول الطعام المستمر، مما يقلل من الانتفاخ والالتهابات في الجهاز الهضمي، وهذا بحد ذاته فائدة كبيرة.