متلازمة المحتال؛ كيف تتخلص من الشعور بأنك شخص مُزيف ولا تستحق النجاح؟
Imposter Syndrome
متلازمة المحتال؛ في هذا المقال نتحدث عن متلازمة المحتال، ونتعرف على أهم أسبابها، وعن العوامل المحفزة لها، وما يمكن فعله للتغلب عليها، ونجيب عن أهم الأسئلة حولها
متلازمة المحتال (Impostor syndrome)؛ هل تشعر بأنك غير جدير بالنجاح الذي تحققه؟ هل تفكر كثيرًا في أنه في يوم ما سوف يُفتضح أمرك وأنك مُخادع ولا تستحق شيئًا مما حققته؟ هل تُعزِي نجاحاتك إلى التوقيت أو الحظ الجيد؟ هل يراودك دومًا ذلك الشعور بالذنب على الرغم من كفاءتك ومهاراتك؟ لعلك تعاني مما يُعرف بمتلازمة (أو ظاهرة) المحتال!
قائمة المحتويات
في هذه المقالة على موقع الأفضل، سوف نتحدث عن مُتلازمة المُحتـال وكيف يمكن التعامل معها بطرق صحيحة وفعالة، حيث سنتعرف على أسباب وأعراض هذه الظاهرة، وسنتناول النصائح والإجراءات العملية التي يمكن اتخاذها للتغلب عليها.
نظرة عامة على متلازمة المحتال
يعتقد الأشخاص الذين يعانون من متلازمة المحتال (وتعرف أحيانًا بظاهرة المحتال ومتلازمة المُدَّعي) أنهم لا يستحقون إنجازاتهم والتقدير العالي الذي يحظون به. يشعرون بأنهم ليسوا أكفاء أو أذكياء بالدرجة التي يظنها الآخرون، وأنه في وقت قريب سوف يكتشف الناس حقيقتهم، وغالبًا ما يتمتع الأشخاص الذين يعانون من ظاهرة المحتال بإنجازات مهمة؛ ربما يشغلون مناصب عليا مثلًا، أو يحملون العديد من الدرجات الأكاديمية.
لكن لماذا يشعر الأشخاص الذين يعانون من هذه الظاهرة بأنهم مُحتالون على الرغم من وجود أدلة كثيرة على نجاحهم؟ بشكل عام، بدلًا من إدراك قدراتهم وجهودهم يعزو هؤلاء الأشخاص إنجازاتهم إلى أسباب خارجية أو عابرة، مثل الحظ، أو التوقيت المناسب، أو الجهد الذي قاموا به مرة واحدة ولكنهم لن يتمكنوا من بذله مُجددًا.
سواء في مجال الإنجاز الأكاديمي أو النجاح المهني، يمكن للشخص أن يواجه ضغوطًا وتوقعات مرتفعة، وعندما يشعر هذا الشخص بالضغط النفسي، فإنه يشعر بالإحباط وعدم الكفاءة، وهذا يؤدي في النهاية إلى تعزيز الشعور بالخوف وعدم الاستحقاق إلى غير ذلك من المشاعر المُصاحبة لهذه الظاهرة.
أسباب متلازمة المحتال
تتسبب سمات الشخصية بشكل كبير في ظاهرة المحتال؛ فالأشخاص الذين يعانون منها لديهم صراع مع الفاعلية الذاتية (اعتقاد الفرد في قدرته على تحقيق هدف أو نتيجة)، والكمالية (الرغبة في تحقيق الكمال أو الظهور بشكل مثالي، أو الاعتقاد بأن الوصول إلى الكمال أمر مُمكن)، والعُصابِيَّة (المَيل للشعور بتقلبات المزاج ومواجهة مشاعر مثل: القلق والهم والخوف والغضب والإحباط والحسد والغيرة والشعور بالذنب والاكتئاب والوحدة).
يمكن أن تؤدي البيئات التنافسية أيضًا إلى تمهيد الأسس للشعور بالمشاعر المرتبطة بهذه الظاهرة. على سبيل المثال، يواجه العديد من الأشخاص الذين يصابون بمشاعر الاحتيال ضغوطًا شديدة بشأن الإنجاز الأكاديمي من قبل آبائهم في الطفولة.
مدى شيوع ظاهرة المحتال
يُعاني حوالي 25 إلى 30 بالمائة من المُتفوقين مما يعرف بمتلازمة المُدَّعي، وتُشير الدراسات إلى أن حوالي 70 بالمائة من البالغين قد يشعرون بهذه المشاعر مرة واحدة على الأقل في حياتهم.
“اطلع على: كيفية التخلص من الخوف المستمر“
العوامل المُحفزة لمتلازمة المُحتـال
نأتي هنا إلى الأمور أو العوامل التي تحفز هذه المتلازمة. على عكس المُتوقَّع، يمكن للإشارة إلى إنجازات الفرد أن تُفجر مشاعر متلازمة المُدَّعي. قد يحدث ذلك عند تلقي الشخص جائزة ما، أو عند اجتياز اختبار معين، أو الحصول على ترقية في العمل. بالإضافة إلى ذلك، قد يتسبب الفشل بعد سلسلة من النجاحات في دفع الفرد إلى انتقاد ذاته والشك في كفاءته وجدارته.
“قد يهمك: ما هو اضطراب الوسواس القهري“
هل يمكن أن تُشخَّص بالإصابة بمتلازمة المُحتـال؟
فيما يخص إمكانية تشخيص إصابة شخص ما بهذه المتلازمة فالجواب هو لا، فمتلازمة المُدَّعي لا تُعدُّ تشخيصًا رسميًّا ولا توجد في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية. مع ذلك، فإن الأشخاص المصابين بمشاعر الاحتيال قد يعانون من أمراض نفسية أخرى مثل القلق أو الاكتئاب، إلا أنه لا يمكن تشخيص الشخص كمصاب بمتلازمة المُدَّعي.
هل النساء أكثر عرضة للشعور بمشاعر ظاهرة المحتال؟
تم توثيق ظاهرة المحتال لأول مرة في النساء من ذوات النجاحات والإنجازات العالية في السبعينيات من القرن الماضي، وعلى الرغم من أن ظاهرة المحتال لا تزال أكثر انتشارًا بين النساء، فإن الرجال أيضًا مُعرضون للوقوع في هذا النمط من التفكير (Thought).
كيف تؤثر الكمالية على ظاهرة المحتال؟
قد ترتبط ظاهرة المحتال ارتباطًا وثيقًا بالكمالية، حيث يشعر الناس بالضغط المستمر لتحقيق أفضل أداء لديهم في جميع الأوقات، وعندما لا يتحقق ذلك، يشعرون بعد الكفاءة والقلق. من المفيد للناس، على الرغم من صعوبة ذلك، تغيير طريقة نظرهم إلى الكمال لمواجهة ظاهرة المحتال.
“تعرف على كيفية تعديل سلوك الطفل“
لماذا أخشى النجاح؟
الشعور بأنك أسير بين الرغبة في التفوق والخوف من تحقيق النجاح يمكن أن يكون مؤلمًا ومُقَيِّدًا، وقد يكون هذا الخوف دليلًا على أن هناك مخاوف أخرى، مثل الخوف من تحمل المسؤولية، وخوف الوقوع في الخطأ، وعدم التأكُّد، أو تغيير الهوية. يمكن لتعلم التحمل وقبول النقص أن يساعد في التغلب على المخاوف التي تمنع الأشخاص من السعي للنجاح.
التغلب على ظاهرة المحتال
يتضمن التغلب على ظاهرة المحتال تغيير تصور الشخص عن قدراته الفعلية. يشعر هؤلاء الأشخاص بعدم انتمائهم إلى ما هم فيه، لذا يجب أن يتعرفوا على خبراتهم وإنجازاتهم كمفتاح للتغلب على هذه المشكلة، كما يجب تذكيرهم بأنهم مستحقون لمكانتهم في البيئة الأكاديمية أو المهنية التي يعملون بها.
يجب على الأفراد التركيز على قياس إنجازاتهم الشخصية، بدلًا من مقارنة أنفسهم بالآخرين. مِثل الساعين نحو الكمال، الأشخاص الذين يُعانون من ظاهرة المحتال يضعون الكثير من الضغوط على أنفسهم لإكمال كل مهمة بشكلٍ مثالي، حيث يخشون أن يَكشف أي خطأ يقعون فيه للآخرين حقيقةً أنهم غير جيدين أو أذكياء بما يكفي للقيام بعملهم. لذلك، يمكن لمساعدتهم من خلال تغيير وجهة نظرهم حول السعي نحو الكمال، أن تُعينهم على مواجهة الشعور بالاحتيال.
يستمر الأشخاص الذين يعانون من متلازمة الاحتيال في فرض ضغوط متزايدة على أنفسهم لأنهم يعتقدون أنهم لن ينجحوا بدون التحلي بالانضباط، وبدلًا من مكافأة أنفسهم ينشغلون فقط بالمهمة التالية. يمكن أن يكون من الصعب الخروج من هذه الدائرة المفرغة، ولكن أحد العوامل التي تساعد على ذلك هو التذكير بأنه لا أحد مثالي، وأن كل إنسان يستطيع فقط تقديم أفضل ما لديه.
“اقرأ عن: اضطراب ثنائي القطب“
أسئلة شائعة حول التغلب على ظاهرة المحتال
الآن، إليك إجابات 5 أسئلة شائعة حول التغلب على ظاهرة المحتال:
1. لماذا تعد محاربة ظاهرة المُحتـال أمرًا ضروريًّا؟
قد تعيق ظاهرة المحتال الإمكانات المتاحة للنمو وإيجاد المعنى، وتمنع الأشخاص من السعي وراء فرص جديدة للنمو في العمل، أو العلاقات، أو الهوايات الشخصية، ويمكن أن يساعد مواجهة ظاهرة المحتال الأشخاص في مواصلة النمو والازدهار.
2. ما هي كيفية التغلب على ظاهرة المحتال؟
لن يُساعدك التفكير في العمل وحده على تحسين صورتك أمام نفسك، لذا ننصحك باتباع الطرق الفعّالة التالية للتغلب على مشاعر وأفكار ظاهرة المحتال:
- تأمل إنجازاتك الحقيقية.
- شارك مشاعرك مع شخص مُفضَّل لديك (يُفضل أن يكون من خارج بيئتك التي تشعر فيها بهذه المشاعر).
- أيضًا من طرق كيف تتخلص من الشعور بأنك شخص مُزيف: توقع أن ترتكب أخطاء في بداية أي تجربة جديدة.
- ابحث عن مُرشد كان لديه مسار مشابه لك.
- ابنِ علاقات مع مَن حولك وتعاون معهم في العمل لتحقيق نتائج جيدة ولتحسين مشاعرك تجاه النجاح.
- تجنب مقارنة نفسك بالآخر، فكل شخص لديه مواهبه وقدراته، وأيضًا تحدياته الفريدة.
3. إلى من يجب أن يلجأ الأشخاص الذين يعانون من ظاهرة المحتال من أجل الحصول على الدعم النفسي؟
في بعض الحالات، يمكن للشخص المتأثر بالشعور بعدم الأمان أن يتوجه إلى زميل أو مُرشد يفهم مشاعره ويُشعره بالأمان. لكن تشير الدراسات إلى أن التواصل مع أشخاص خارج دائرة العمل أو الدائرة الأكاديمية يمكن أن يكون أفضل أداة لمواجهة ظاهرة المحتال، فيُمكن لهؤلاء الأشخاص وضع أفكارك في سياقها الصحيح، وإعادة تقويم طريقتك في التفكير وفي النظر للأمور، وتقديم الدعم والمحبة لك.
4. كيف يمكنك حماية طفلك من ظاهرة المحتال؟
يمكن لنوعين من الرسائل أن يُثيرا مشاعر الاحتيال في طفلك: الانتقاد المستمر، الذي يجعلهم يشعرون بأنهم لن يكونوا كافيين أبدًا، والثناء المُفرط (“أنت الطفل الأذكى في العالم!”) الذي يجعلهم تحت ضغط مستمر وتوقعات مرتفعة لما يجب عليهم تحقيقه. يمكن للآباء والأمهات حماية أطفالهم من ظاهرة المحتال عن طريق الثناء على الجهد المَبذول وليس على النتائج، وأيضًا من خلال مساعدة الأطفال على فهم نقاط قوتهم وضعفهم بشكل واقعي.
ختامًا، قد تكون متلازمة المحتال “Impostor syndrome” شائعة بين الكثيرين، ولكن يمكن القضاء عليها بتغيير نظرة الإنسان لقدراته الشخصية وتقديره لنفسه. يمكن للأفراد الذين يعانون من ظاهرة المحتال أن يتعلموا كيفية تقدير إنجازاتهم وخبراتهم، وأن يتحدوا المخاوف التي تمنعهم من تحقيق أهدافهم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للآباء أن يساعدوا في تجنب الإصابة بمتلازمة المُدَّعي لدى أبنائهم من خلال الإشادة بجهودهم وعدم التركيز على النتائج فحسب، ومساعدتهم في فهم نقاط القوة والضعف لديهم بطريقة واقعية. لذلك، لا تدع متلازمة المُدَّعي تمنعك من الوصول لأهدافك وتحقيق النجاح في حياتك، ولا تدعها أيضًا تحرمك من السعادة بإنجازاتك.