
شهدت الأسواق العالمية خلال الأيام الأخيرة تقلبات ملحوظة، خاصة في أسعار المعادن والطاقة، مع تركيز المستثمرين على التطورات الاقتصادية الكبرى في الولايات المتحدة والصين، إضافة إلى السياسات المالية والتمويلية في منطقة الشرق الأوسط. وجاءت الأخبار الأخيرة لتوضح تأثير الأحداث الاقتصادية والجيوسياسية على أخبار الاسواق وأسعار السلع الأساسية مثل أسعار النفط.
تراجع أسعار النحاس وانتظار قرار الفيدرالي
تراجعت أسعار النحاس في بورصة لندن للمعادن بنسبة 0.7%، بعد أن سجلت المعدن الصناعي مستويات قياسية خلال الفترة الأخيرة. يأتي هذا التراجع في ظل ترقب المستثمرين لاجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، الذي يُتوقع أن يعلن عن خفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية.
رغم التوقعات بخفض أسعار الفائدة، فإن أي إشارة إلى تباطؤ وتيرة التيسير النقدي في عام 2026 قد تؤثر سلباً على الأصول عالية المخاطر، بما في ذلك المعادن والسلع الصناعية. ويعتبر النحاس عنصراً محورياً في قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، وقد ارتفعت أسعاره بنسبة تزيد عن 30% منذ بداية العام نتيجة تسارع الشحنات إلى الولايات المتحدة تحسباً لفرض رسوم جمركية على الواردات.
توقعات الفائدة الأمريكية وتأثيرها على السوق
تشير البيانات إلى أن متداولي عقود المبادلة يميلون إلى توقع تنفيذ تخفضين إضافيين في أسعار الفائدة بحلول نهاية 2026، مقارنة بثلاثة تخفيضات كانت متوقعة قبل أسبوع. ويزداد الانقسام داخل البنك المركزي الأمريكي مع استمرار التضخم المرتفع ونقص البيانات الاقتصادية المهمة.
في الوقت نفسه، أظهر مؤشر القوة النسبية للنحاس لفترة 14 يوماً وصوله إلى مستوى 70 نقطة، وهو ما يُعدّ إشارة إلى دخول المعدن منطقة شراء مفرط، في حين لا تزال مؤشرات تحسن الطلب الصيني محدودة بعد التراجع الأخير.
ضغوط على الطلب الصيني
واجه المصنعون الصينيون صعوبة في تمرير ارتفاع أسعار النحاس القياسية إلى المشترين، فيما هوت رسوم معالجة قضبان النحاس المستخدمة في صناعة الأسلاك الكهربائية إلى أدنى مستوياتها خلال الشهر الحالي، وفق بيانات شركة Mysteel Global.
سجل النحاس أعلى سعر له عند 11,771 دولاراً للطن يوم الإثنين، مدعوماً بمخاوف الإمدادات ورؤية الصين الاقتصادية للعام المقبل، حيث أعلنت بكين عن مواصلة سياسة مالية “استباقية” مع التركيز على النمو المحلي خلال 2026. إلا أن الأسعار تراجعت لاحقاً إلى 11,599.50 دولار للطن بحلول الساعة 12:28 ظهراً بتوقيت شنغهاي.
السعودية وريادتها في التمويل الأخضر

على صعيد التمويل المستدام، أعلن وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح أن المملكة استحوذت على ثلثي سوق التمويل الأخضر في الشرق الأوسط، بقيمة إصدارات استثمارات خضراء تبلغ 12 مليار دولار هذا العام. ويستهدف الإطار الذي أصدرته وزارة المالية في مارس 2024 تمويل المشاريع المؤهلة مثل الطاقة المتجددة ووسائل النقل النظيفة، إلى جانب التكيف مع التغير المناخي.
وأشار الفالح إلى أن السعودية تمضي بوتيرة أسرع من المستهدف في خفض انبعاثات الكربون، مستثمرة نحو تريليون دولار في البنية التحتية حتى 2030، مع مساهمة القطاع الخاص بنحو نصف التمويلات، أي ما بين 400 إلى 500 مليار دولار خلال السنوات القادمة. ومن أبرز المشاريع المعتمدة على الطاقة المتجددة مشروع وجهة البحر الأحمر الدولية، الذي يتضمن مبانٍ خضراء ومطاراً بصفر انبعاثات، وتحلية مياه بالطاقة النظيفة.
صندوق التنمية الوطني ودوره في دعم الاقتصاد
قدّم صندوق التنمية الوطني السعودي تمويلات تجاوزت 52 مليار ريال خلال عام واحد، وأسهمت بإضافة 47 مليار ريال إلى الناتج المحلي غير النفطي، داعماً أكثر من مليون مستفيد. وتركز الصندوق على تمويل مشاريع الطاقة المستدامة مثل الهيدروجين الأخضر والشمسية، إضافة إلى دعم القطاعات السياحية والثقافية والصناعية.
النفط واستقرار الأسعار وسط متابعة المحادثات الجيوسياسية
شهدت أسعار النفط استقراراً نسبياً بعد انخفاضها بنسبة 2% في الجلسة السابقة، مع متابعة دقيقة لمحادثات السلام لإنهاء حرب روسيا في أوكرانيا، بالإضافة إلى قرار الفيدرالي المرتقب بشأن أسعار الفائدة الأمريكية. وبلغت العقود الآجلة لخام برنت 62.47 دولار للبرميل، وخام تكساس 58.84 دولار للبرميل، بعد استئناف العراق الإنتاج في حقل غرب القرنة، أحد أكبر حقول النفط بالعالم.
وأشار المحللون إلى أن أي تقدم في محادثات السلام الأوكرانية قد يزيد من صادرات النفط الروسية ويضغط على الأسعار، فيما يظل السوق تحت المراقبة لمستجدات المخزونات النفطية الأمريكية وتقلبات الإمدادات العالمية.
“قد يهمك: كيف يربح باي بال المال”
في الختام
تشير التطورات الأخيرة في أسواق المعادن والطاقة إلى أن المستثمرين يواجهون مرحلة من الحذر والتقلب، مدفوعة بتوقعات الفيدرالي الأمريكي، وضعف الطلب الصيني، وتطورات التمويل الأخضر في الشرق الأوسط. كما تظل أسعار النفط والنحاس محور اهتمام الأسواق العالمية، مع ترقب القرارات الاقتصادية والجيوسياسية التي قد تحدد اتجاه الأسواق في الأشهر المقبلة.
هذه المرحلة تتطلب متابعة مستمرة للسياسات النقدية، ومراقبة الأسواق العالمية، مع التركيز على الاستثمارات المستدامة والفرص المتاحة في قطاع الطاقة والتمويل الأخضر.



