فجوة المعرفة في ألعاب Web3 وكيفية سدها
The web3 gaming knowledge gap and how to bridge it
تعرف على التحديات التي تواجه ألعاب Web3، وكيفية سد فجوة المعرفة عبر التعليم والتوجيه والشراكات لدفع هذه الصناعة نحو التبني الواسع، وتعرف على تطوير ألعاب Web3.

لطالما كانت صناعة الألعاب في طليعة الابتكار التكنولوجي، حيث كانت من أوائل القطاعات التي تتبنى أساليب جديدة لتحسين تجربة المستخدم. تعد ألعاب Web3 (بالإنجليزية Web3 gaming) – وهي الألعاب التي تعتمد على تقنية البلوكشين وتوفر للاعبين ملكية كاملة لأصولهم داخل اللعبة، إلى جانب منحهم تأثيرًا مباشرًا على تطور العوالم الافتراضية، وضمان أن اللعبة التي يلعبونها محصنة ضد الرقابة ولا يمكن إزالتها – مقدمة لمرحلة جديدة من التطور في عالم الألعاب.
قائمة المحتويات
تستخدم هذه التقنية البلوكشين (blockchain) لإنشاء أنظمة بيئية لامركزية، وديناميكيات جديدة للألعاب، ونماذج أعمال مبتكرة لشركات الألعاب. على الرغم من الفرص الهائلة التي قد توفرها هذه التكنولوجيا لصناعة الألعاب، إلا أن هناك فجوة واضحة بين توفر الموارد التعليمية والمطورين الطموحين الراغبين في دخول هذا المجال. تعرف في التالي على فجوة المعرفة في ألعاب Web3 وكيفية سدها.
Web3 gaming: الحواجز الهيكلية
مقارنة بألعاب Web2، لا تزال ألعاب Web3 صناعة ناشئة، حيث يقتصر تبنيها حتى الآن على نطاق صغير لكنه ينمو تدريجيًا. لقد حظيت صناعة الألعاب التقليدية بعقود من الزمن لاختبار وتطوير أفضل الممارسات، وإنشاء برامج تعليمية متخصصة، وبناء مجتمع مطورين مزدهر. أما Web3 فلا تزال في مراحلها الأولية، حيث تواجه تحديات تتمثل في التكنولوجيا المتغيرة بسرعة، وعدم اليقين التنظيمي، وفجوات المعرفة، بالإضافة إلى الشكوك العامة حول قيمة الألعاب القائمة على البلوكشين.
في عام 2024، شهد هذا القطاع زيادة كبيرة في عدد المستخدمين النشطين يوميًا، حيث ارتفع بنسبة تزيد عن 300% ليصل إلى 6.58 مليون مستخدم. مع ذلك، لم يكن أداء السوق بنفس القوة، إذ نما إجمالي القيمة السوقية بنسبة 60.54% فقط، متخلفًا عن قطاعات أخرى مثل العملات الرقمية الساخرة (Memecoins) ومشاريع الذكاء الاصطناعي.
في مقابل التبني التدريجي لتقنيات Web3 في صناعة الألعاب، تمر تقنية البلوكشين نفسها بتغيرات سريعة. إذ تتغير معايير تطوير البلوكشين باستمرار، مما يجعل من الصعب إنشاء مواد تعليمية محدثة. فالمناهج الدراسية التي يتم إعدادها اليوم قد تصبح قديمة خلال بضعة أشهر مع ظهور سلاسل جديدة، ومعايير عقود ذكية محدثة، ونماذج اقتصادية متطورة. وهذه التقلبات تجعل المؤسسات التعليمية تتردد في الاستثمار في برامج تعليمية منظمة.
إضافة إلى ذلك، فإن الشكوك العامة المحيطة بالعملات الرقمية تفاقم المشكلة. لا يزال الكثيرون ينظرون إلى البلوكشين على أنه مجرد أداة للمضاربة المالية بدلاً من كونه تكنولوجيا ذات تطبيقات حقيقية ومؤثرة. كما واجهت بعض قطاعات صناعة الألعاب ردود فعل سلبية بشأن ممارسات تحقيق الدخل، وخاصة فيما يتعلق بإضافة عناصر مثل الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) ونماذج اللعب من أجل الربح (Play-to-Earn). مع هذه العقبات، لا تزال العديد من المؤسسات التعليمية مترددة في دمج تطوير ألعاب Web3 في مناهجها، مما يترك المطورين الطموحين في مواجهة هذه التعقيدات بمفردهم.
تنمية المواهب الحالية
توفر صناعة الألعاب التقليدية خارطة طريق يمكن لألعاب Web3 اتباعها. فقد نجحت منصات مثل Unity وUnreal Engine في بناء مجتمعات قوية من خلال تقديم وثائق شاملة، ودروس تعليمية، وبرامج شهادات معتمدة. تتيح هذه المسارات التعليمية المنظمة للمطورين الجدد الانضمام بكفاءة، مما يضمن تدفقًا مستمرًا للمواهب.
على النقيض من ذلك، تفتقر ألعاب Web3 إلى خارطة طريق واضحة لتطوير المهارات. يعتمد العديد من المطورين على موارد التعلم الذاتي مثل دروس يوتيوب ومجموعات Discord، مما يؤدي إلى تباين مستويات المعرفة داخل الصناعة. على سبيل المثال، خلال ذروة نجاحها، كانت Axie Infinity واحدة من أشهر ألعاب Web3 في السوق، لكن التعليم الخاص بالمطورين كان غير رسمي إلى حد كبير. حيث تعلم أعضاء المجتمع كيفية التعامل مع النظام البيئي للعبة من خلال الإنترنت بدلاً من متابعة دورات تدريبية منظمة أو برامج تعليمية رسمية، مما أدى إلى قاعدة معرفية مجزأة ومستويات خبرة غير متسقة.
ومع ذلك، يمكن لـ Web3 الاستفادة من تجربة الألعاب التقليدية لإنشاء مسارات مماثلة لتنمية المواهب. ينبغي على المؤسسات الداعمة لتقنية البلوكشين، واستوديوهات الألعاب، وقادة الصناعة التعاون لإنشاء دورات تدريبية منظمة، وبرامج شهادات، ومبادرات توجيه وإرشاد للمطورين الجدد.
“قد يهمك: ما هو deepseek“
دور المجتمع في ألعاب Web3
ما يميز ألعاب Web3 هو أن نجاحها مرتبط بشكل جوهري بمجتمع اللاعبين. على عكس ألعاب Web2، حيث يتحكم الناشرون في التحديثات والاقتصاديات، تعتمد ألعاب Web3 على الحوكمة اللامركزية والتطوير القائم على المجتمع. وهذا يعني أن هذه الألعاب تعتمد بطبيعتها على الحفاظ على مجتمع نشط ومزدهر.
يدفع اللاعبون المتحمسون عجلة التفاعل، وجذب المستخدمين الجدد، واستدامة النظام البيئي. فعندما يشعر المستخدمون بملكية حقيقية، يصبحون أكثر استعدادًا للمساهمة، سواء من خلال اقتصادات داخل اللعبة، أو إنشاء المحتوى، أو المشاركة في الحوكمة. لتعزيز هذا التفاعل، يجب على المطورين العمل على بناء ثقافة مجتمعية قوية، وهو أمر نجحت فيه شركات الألعاب التقليدية لسنوات طويلة.
تطوير ألعاب Web3
على الرغم من أن ألعاب Web2 وWeb3 تشترك في مبادئ تطوير أساسية، إلا أن نماذجها الاقتصادية وأسسها التكنولوجية تختلف بشكل كبير. تتبع الألعاب التقليدية في العادة نموذج الدفع مقابل اللعب أو المعاملات الدقيقة، بينما تقدم ألعاب Web3 ملكية للاعبين من خلال الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs) والاقتصاديات اللامركزية.
تعتبر جودة تصميم هذه النماذج الاقتصادية أمرًا بالغ الأهمية في ألعاب Web3. يمكن أن تؤدي النماذج المصممة بشكل سيئ إلى نماذج “اللعب من أجل الربح” غير المستدامة، حيث يستفيد المستخدمون الأوائل بشكل غير متناسب، بينما يواجه اللاعبون اللاحقون أصولًا منخفضة القيمة. ولتجنب ذلك، يمكن لمطوري ألعاب Web3 تصميم حوافز تكافئ المشاركة طويلة الأجل بدلاً من المضاربة قصيرة الأجل.
على سبيل المثال، منصة STEPN، التي تعتمد على نموذج “التحرك من أجل الكسب” (Move-to-Earn) باستخدام بلوكشين Solana، جذبت المستخدمين في البداية من خلال مكافأتهم برموز رقمية مقابل النشاط البدني. ومع ذلك، واجه النموذج الاقتصادي للمنصة تحديات بسبب تضخم الرموز الرقمية وهيكل المكافآت غير المستدام. استفاد المستخدمون الأوائل بشكل كبير، بينما عانى المشاركون اللاحقون من انخفاض قيمة الرموز داخل اللعبة، مما أدى إلى تراجع كبير في تفاعل المستخدمين وقيمة الرموز الرقمية.
هناك فارق رئيسي آخر يتمثل في الاعتماد على البنية التحتية للبلوكشين. لا تزال معظم ألعاب Web3 اليوم تضع الأصول الرقمية فقط على السلسلة (On-chain)، بينما تبقي منطق اللعبة خارج السلسلة (Off-chain) بسبب قيود الأداء. ولا تزال هناك سلاسل بلوكشين قليلة، مثل Starknet، قادرة على دعم تجارب ألعاب كاملة على السلسلة، مما يفتح آفاقًا جديدة لتطوير الألعاب وخلق عوالم افتراضية متطورة. لكن بدون التقدم التكنولوجي اللازم للتعامل مع آليات اللعب في الوقت الفعلي، ستظل معظم ألعاب Web3 تعمل بنموذج هجين يجمع بين تقنيات Web2 و Web3.
“اطلع على: أفضل طرق شحن بطاقات الألعاب الإلكترونية عبر الإنترنت“
فجوة المعرفة في ألعاب Web3: سد الفجوة
يعد إعطاء الأولوية للفرص التعليمية أمرًا ضروريًا لدفع ألعاب Web3 نحو التيار الرئيسي. يجب أن تستثمر المؤسسات الداعمة لتقنية البلوكشين واستوديوهات الألعاب في مبادرات تعليمية منظمة لسد فجوة المعرفة في هذا المجال، من خلال رعاية برامج تدريبية تركز على تطوير العقود الذكية، والاقتصاديات الرقمية (Tokenomics)، والبنية التحتية المناسبة، مع إنشاء برامج شهادات موحدة ومعتمدة.
إنشاء مستودعات تعلم مفتوحة المصدر تحتوي على مراكز مركزية للتوثيق، والدروس التعليمية، وعينات الأكواد البرمجية سيوفر موارد تعليمية يسهل الوصول إليها. كما أن عقد شراكات مع الجامعات يمكن أن يساعد في دمج دورات تطوير ألعاب البلوكشين ضمن المناهج الأكاديمية، مما يسهم في تأمين تدفق مستمر للمواهب الشابة. بالإضافة إلى ذلك، فإن تشجيع التوجيه والإرشاد بين المطورين المخضرمين في Web2 والمطورين الجدد في Web3 سيساعد على تحقيق انتقال سلس ونقل المعرفة بشكل فعال، مما يعزز النظام البيئي بأكمله.
ورغم أن بعض المبادرات بدأت في الظهور، مثل الندوة التعليمية عبر الإنترنت التي أطلقتها مؤسسة Starknet حول ألعاب Web3، إلا أن هناك الكثير من العمل الذي لا يزال مطلوبًا. بدون جهد مخصص لتدريب المطورين الجدد وإدماجهم في المجال، لن تتمكن ألعاب Web3 من تحقيق إمكاناتها الكاملة أو الوصول إلى تبني واسع النطاق. ولكن مع هذه الجهود، يمكننا الارتقاء بصناعة الألعاب إلى مستوى جديد تمامًا.