العلاقات الباكستانية الإسرائيلية: صراع غير معلن خلف الكواليس

Pakistani-Israeli relations

تعرف على جذور الصراع غير المعلن بين باكستان وإسرائيل، دور كشمير والقدس في تشكيل العلاقات العدائية والتحالفات الإقليمية، مستقبل العلاقات الباكستانية الإسرائيلية.

في عالم العلاقات الدولية، لا تُقاس العداوات فقط بالحدود الجغرافية أو النزاعات المباشرة، بل أحيانًا تكون هناك خصومات أيديولوجية وجيوسياسية عميقة تُخاض بصمت خلف الكواليس. ومن بين أبرز الأمثلة على ذلك، العلاقات المتوترة بين باكستان وإسرائيل، حيث يشكّل العداء المتبادل بين الدولتين قصة سياسية معقدة، تحكمها المصالح الإقليمية، والدوافع الدينية، والتحالفات العالمية. فهل باكستان وإسرائيل في حالة حرب خفية؟ ولماذا ترفض باكستان الاعتراف بإسرائيل حتى اليوم؟ هذا ما سنكشفه في هذا المقال المفصل من موقع الأفضل.


جذور العداء: ولادة دولتين في عام واحد

عام 1947، شهد العالم حدثين تاريخيين حاسمين في منطقتين متباعدتين جغرافيًا، لكن متقاربتين في الأثر السياسي والديني. الحدث الأول تمثل في تقسيم شبه القارة الهندية، مما أدى إلى تأسيس دولة باكستان ككيان للمسلمين. أما الحدث الثاني، فكان قرار تقسيم فلسطين، الذي مهّد الطريق لقيام دولة إسرائيل عام 1948.

منذ البداية، أعلنت باكستان رفضها الكامل للاعتراف بإسرائيل. هذا الموقف لم يكن وليد اللحظة، بل كان نتيجة للرؤية الباكستانية للعالم الإسلامي، التي تعتبر أن دعم القضية الفلسطينية واجب ديني وأخلاقي، تمامًا كما هو الحال في دعم قضية كشمير ضد الهند.


الصراع غير المباشر: باكستان في مواجهة إسرائيل على جبهات مختلفة

رغم عدم وجود صراع عسكري مباشر بين إسرائيل وباكستان، إلا أن البلدين خاضا مواجهات غير معلنة عبر دعم أطراف متحاربة. في الحروب العربية-الإسرائيلية، دعمت باكستان العرب عسكريًا، حيث أرسلت طياريها للمشاركة في حروب 1967 و1973، ووفرت آلاف البنادق لجيوش عربية في عام 1948.

في المقابل، دعمت إسرائيل الهند خلال حروبها المتكررة مع باكستان. فمنذ سبعينيات القرن الماضي، لعبت إسرائيل دورًا استخباراتيًا لصالح الهند، ودربت ضباط مخابراتها، وقدمت لها مساعدات عسكرية سرية. وتطورت العلاقة لتصبح علنية في التسعينيات، حيث بدأت الهند تشتري الأسلحة الإسرائيلية بشكل ضخم، حتى باتت أكبر مشترٍ لها في العالم.

“قد يهمك: قناة السويس في قلب الصراع الجيوسياسي بين الصين والولايات المتحدة


كشمير والقدس: تشابه في النظرة العقائدية

العلاقات الباكستانية الإسرائيلية

بالنسبة للباكستانيين، تُعتبر كشمير قضية وجودية، مثلها مثل القدس. فالعقيدة الشعبية والعسكرية في باكستان ترى أن الدفاع عن كشمير لا يختلف عن الدفاع عن المقدسات الإسلامية في فلسطين. وهذا ما يفسّر سبب تشدد الموقف الباكستاني من إسرائيل، حيث يُنظر إليها على أنها عدو ديني وسياسي، تمامًا كالهند.

باكستان تعتبر أن الاعتراف بإسرائيل يشكّل خيانة لتاريخها وهويتها الإسلامية، وأن أي محاولة للتطبيع من شأنها أن تؤدي إلى انهيار داخلي، كما حصل مع الرئيس برويز مشرف الذي حاول فتح باب النقاش حول العلاقات مع إسرائيل فواجه انتقادات شعبية ساحقة أطاحت به لاحقًا.

“اقرأ أيضًا: الممثلة التركية سيفيل أكداغ


المحاولات الدبلوماسية والتقارب المحدود

رغم العداء الظاهر، شهدت العلاقات الباكستانية الإسرائيلية بعض المحاولات المحدودة للتقارب. أبرز هذه المحاولات جرت في عام 2005، عندما رتبت تركيا اجتماعًا علنيًا بين وزيري خارجية البلدين في إسطنبول، تبعته مشاركة برويز مشرف في حفل لجمعية يهودية في نيويورك. لكن تلك الخطوات قوبلت برفض شعبي واسع في باكستان، حيث ثار الرأي العام واتهم الحكومة بالتخاذل، مما أدى إلى تراجع المسؤولين عن أي توجه نحو التطبيع. بل حتى في عام 2022، أثارت زيارة غير رسمية لوفد من الباكستانيين لإسرائيل موجة غضب أجبرت الحكومة على التنديد بها رسميًا.

Live
HD
4K
العلاقات الباكستانية الإسرائيلية: صراع غير معلن خلف الكواليس
0:45 / 6:30


التحالف الهندي الإسرائيلي: تهديد مباشر لباكستان

تُشكّل العلاقات المتينة بين إسرائيل والهند مصدر قلق كبير لباكستان، التي ترى في هذا التحالف تهديدًا استراتيجيًا مباشرًا. فالهند ليست فقط خصمًا تاريخيًا لباكستان، بل باتت تتلقى دعمًا عسكريًا وتكنولوجيًا من إسرائيل يُعزز تفوقها في المجالات الدفاعية، لا سيما في الطائرات المسيّرة والتكنولوجيا الاستخباراتية. وتُظهر التقارير أن إسرائيل لا تمانع في دعم الهند بكل الوسائل الممكنة، طالما أن ذلك يُضعف باكستان ويُبقيها منشغلة بصراعاتها الإقليمية، بعيدًا عن أي تهديد محتمل لتل أبيب.

“اطلع على: الابتزاز الاقتصادي الأمريكي للكويت


السلاح النووي الباكستاني: مصدر رعب إسرائيلي

العلاقات الباكستانية الإسرائيلية

من الأسباب الرئيسية التي تدفع إسرائيل إلى التوجس الدائم من باكستان هو امتلاك الأخيرة للسلاح النووي. فباكستان تُعتبر الدولة الإسلامية الوحيدة التي تمتلك ترسانة نووية، وهو ما تعتبره إسرائيل تهديدًا وجوديًا، حتى وإن لم تكن هناك مواجهة مباشرة. لهذا السبب، تسعى إسرائيل باستمرار إلى التأثير غير المباشر على الوضع الداخلي الباكستاني، من خلال تحالفاتها مع الهند، أو عبر الضغط الدبلوماسي الدولي للحد من النفوذ الباكستاني.

بالطبع! إليك العناصر المرئية المطلوبة لتكملة المقالة حول العلاقات الباكستانية الإسرائيلية، والتي ستساعد في توضيح التسلسل الزمني للأحداث والتحالفات الجيوسياسية المعقدة بين باكستان، إسرائيل، والهند.


المخطط الزمني للعلاقات الباكستانية الإسرائيلية والهندية

السنة الحدث
1947 استقلال باكستان عن الهند ورفضها الاعتراف بإسرائيل عند تأسيسها.
1948 باكستان تدعم العرب في حربهم ضد إسرائيل بتقديم أسلحة ومساعدات.
1965-1971 إسرائيل تقدم مساعدات عسكرية للهند خلال حروبها مع باكستان.
1973 طيارون باكستانيون يشاركون في حرب أكتوبر إلى جانب الدول العربية ضد إسرائيل.
1992 إقامة علاقات دبلوماسية رسمية بين الهند وإسرائيل.
1999 إسرائيل تدعم الهند في صراع كارغيل ضد باكستان بتقديم أسلحة ومعدات.
2005 لقاء علني بين وزيري خارجية باكستان وإسرائيل في إسطنبول، يليه رفض شعبي باكستاني واسع.
2019 الهند تستخدم قنابل إسرائيلية الصنع في هجوم على باكستان في منطقة بالاكوت.
2022 زيارة وفد باكستاني غير رسمي لإسرائيل تثير غضبًا شعبيًا واسعًا في باكستان.

خريطة التحالفات الجيوسياسية

التحالفات الرئيسية:

  • الهند وإسرائيل:
    • تعاون عسكري واستخباراتي متزايد منذ التسعينيات.
    • الهند أكبر مشترٍ للأسلحة الإسرائيلية، بما في ذلك الطائرات بدون طيار وأنظمة الدفاع الجوي.
    • تعاون في مجالات التكنولوجيا والزراعة والأمن السيبراني.
  • باكستان والدول الإسلامية:
    • دعم مستمر للقضية الفلسطينية ورفض الاعتراف بإسرائيل.
    • علاقات قوية مع الدول العربية والإسلامية، خاصة في قضايا كشمير وفلسطين.
    • مشاركة في الحروب العربية الإسرائيلية من خلال الدعم العسكري واللوجستي.

التوترات:

  • باكستان وإسرائيل:
    • توتر دائم بسبب الدعم الإسرائيلي للهند.
    • مخاوف إسرائيلية من القدرات النووية الباكستانية.
    • رفض باكستاني لأي تطبيع مع إسرائيل دون حل عادل للقضية الفلسطينية.
  • الهند وباكستان:
    • نزاعات مستمرة حول إقليم كشمير.
    • ثلاث حروب رئيسية ونزاعات حدودية متكررة.
    • تصاعد التوترات بعد إلغاء الهند للوضع الخاص بكشمير عام 2019.

“قد يهمك: فيديو ماجدة أشرف مع زوجها


العلاقات الباكستانية الإسرائيلية: علاقات غير مرئية لكنها حقيقية

في النهاية، يمكن القول إن العلاقات الباكستانية الإسرائيلية ليست مجرد خلاف دبلوماسي، بل هي جزء من معادلة أوسع ترتبط بالصراعات الإقليمية والدينية والجيوسياسية. ورغم عدم وجود حرب مباشرة بين البلدين، إلا أن المواجهة بينهما مستمرة على أرض الهند وكشمير وفلسطين، في صورة دعم غير مباشر وتحالفات عسكرية استراتيجية. ومن غير المرجح أن تشهد العلاقات بين الطرفين تحسّنًا في المستقبل القريب، طالما ظل ملفا كشمير والقدس حاضرين بقوة في الوجدان الباكستاني والإسرائيلي على حد سواء.

اترك رد