كيفية منع الاقتصاد الأمريكي من الانهيار – الجزء الأول
How to Prevent the US Economy from Collapsing
اكتشف في سلسلة كيفية منع الاقتصاد الأمريكي من الانهيار، رأي الاقتصادي الأمريكي Gary Stevenson في الخطوات الهامة للقيام بذلك، والتي منها فرض الضرائب على الأغنياء

في هذا الجزء من سلسلة المقالات سوف نتحدث عن كيفية منع الاقتصاد الأمريكي من الانهيار، وذلك من وجهة نظر غاري ستيفنسون، والذي يدير قناة GarysEconomics على اليويتوب. يقول غاري ستيفنسون أنه خلال الأشهر القليلة الماضية، كان في جولة، وسافر عبر البلاد -أي الولايات المتحدة- عدة مرات. يُكمل قائلًا: “أجرينا حملة إعلامية ضخمة، لذا كنت حاضرًا في التلفزيون، والإذاعة، والإنترنت، وكنت أشرح في الأساس أن الاقتصاد الأمريكي ينهار، وأنه سيستمر في الانهيار، وأن الأسر العادية ستُدفع إلى براثن الفقر، وأن أطفالنا وأحفادنا لن يتمكنوا من تحمل تكاليف المنازل أو تحقيق الاستقرار المالي”.
قائمة المحتويات
يضيف Gary Stevenson كلامه قائلًا: “لقد حصلنا على اهتمام إعلامي كبير، وكان ذلك بطبيعة الحال مصدر قلق لكثير من الناس. يجب أن يقلق الناس لأن هذا الأمر يحدث بالفعل”. بعد ذلك، بدأ الكثير من الناس يسألون Gary Stevenson: “حسنًا، غاري، ماذا يمكننا أن نفعل؟ كيف يمكننا إيقاف ذلك؟” لقد أمضى غاري ستيفنسون وقتًا طويلاً في شرح المشكلة، ولكن ربما لم يشرح بالقدر الكافي ما الذي يمكن فعله لحل المشكلة. لذلك، سنحاول في سلسة المقالات هذه القيام بشرح ذلك بوضوح قدر الإمكان، وبالطبع هذا الشرح على لسان ستيفنسون نفسه، مع توضيح كيف يعتقد صاحب قناة GarysEconomics على اليويتوب أنه يمكن منع هذا الانهيار الاقتصادي من الحدوث.
المشكلة الاقتصادية الأمريكية الحالية 2025
أول شيء نحتاج إلى القيام به هو استرجاع سريع لماهية المشكلة الاقتصادية الأمريكية الحالية 2025 بأبسط المصطلحات. لدينا أربع فئات في المجتمع. لدينا الطبقة العاملة، والطبقة الوسطى، والحكومة، والأغنياء. على مدى معظم التاريخ وفي معظم أنحاء العالم اليوم، تمتلك الطبقة الغنية تقريبًا كل الثروة في المجتمع، بما في ذلك الأراضي، والعقارات، والموارد الطبيعية، والشركات. لكن، لفترة من الزمن بعد الحرب العالمية الثانية، كنا في وضع حيث كان لدى جميع هذه الفئات قدر معقول من الثروة.
على سبيل المثال، في جيل والديّ – الكلام هنا وكل الكلام التالي هو على لسان Gary Stevenson – كان من الطبيعي أن تمتلك حتى الأسر العاملة معاشًا تقاعديًا ومنزلًا خاصًا بها. لذلك، مررنا بفترة كانت فيها جميع هذه الفئات تمتلك مقدارًا معقولًا من الثروة، ولكن الأغنياء كانوا يملكون أكثر، وخاصة بعد تخفيض ضرائبهم في الثمانينيات، بدئوا في تراكم المزيد والمزيد من الثروة. هذا يعني أنه عندما أرادت الفئات الأخرى في المجتمع الوصول إلى هذه الثروة أو استخدامها – مثل السكن، أو الممتلكات، أو الموارد الطبيعية، أو المباني – كان عليهم دفع الإيجارات، أو الأرباح، أو العوائد للأغنياء.
هكذا، بدأت الثروة تتدفق بعيدًا عن هذه الفئات الأخرى نحو الأغنياء، وقد تسارعت هذه التدفقات بشكل كبير، خاصة أثناء أزمة 2008 وأزمة كوفيد (فيروس كورونا)، مما أدى إلى حدوث نقل واسع النطاق للثروة، وما زال هذا مستمرًا حتى اليوم. النتيجة النهائية كانت أن الطبقة العاملة فقدت تقريبًا كل ثروتها، بل وتراكمت عليها بعض الديون أيضًا.
زيادة ثروات الأغنياء في أمريكا
الحكومة الآن تعاني من ثروة سلبية ضخمة، فهي لا تملك سوى الديون. أما الطبقة الوسطى، فقد احتفظت ببعض ثروتها، ولكن ليس بالكثير. بينما استمرت ثروة الأغنياء في التزايد أكثر فأكثر، وخاصة خلال فترة كوفيد. ما يعنيه هذا هو أن هذه الفئات من المجتمع، التي كانت تقليديًا الأكثر إنفاقًا بالنسبة إلى حجم ثروتها، فقدت الكثير من ثروتها، مما أدى إلى انخفاض الإنفاق وانخفاض الأجور. وبما أن الأغنياء الآن يملكون ثروة أكبر بكثير، في حين أن الطبقات الأخرى تملك أقل، فقد ارتفعت المدفوعات التحويلية التي يتوجب عليك دفعها لاستخدام الثروة أو الوصول إلى الموارد، لأنه مع قلة الموارد المتاحة لهذه الفئات وزيادتها لدى الأغنياء، أصبح عليك دفع المزيد لاستخدام الموارد، وهكذا، زادت هذه التدفقات المالية لصالح الأغنياء.
الآن نحن في وضع أصبحت فيه هذه الفئات من المجتمع منهارة تمامًا تقريبًا. فالطبقة العاملة لم يعد لديها شيء تقريبًا، وهي تعيش في حالة متزايدة من الفقر المدقع. الحكومة مفلسة تمامًا، ولا تملك شيئًا. الطبقة الوسطى لديها فقط القليل المتبقي، لكنها بالكاد تتشبث به، وهذا القليل يتم امتصاصه تدريجيًا، ولن يمر وقت طويل قبل أن تختفي هي الأخرى. في النهاية، سنجد أنفسنا في وضع يمتلك فيه الأغنياء كل شيء، دون وجود طبقة وسطى، ولا أحد آخر يمتلك أي شيء. يشبه الاقتصاد في هذه الحالة اقتصاد دول مثل نيجيريا أو الهند أو البرازيل، حيث يسود الفقر على نطاق واسع.
“قد يهمك: علاقة بيتكوين بمؤشر ناسداك“
كيفية منع الاقتصاد الأمريكي من الانهيار: الخطوة الأولى
إذا أردت إصلاح هذا الوضع، فيجب أن تبدأ بتوجيه تدفق الثروة في الاتجاه المعاكس، وهناك طرق مختلفة للقيام بذلك. من الناحية النظرية، يمكن فعل ذلك بدون فرض الضرائب، وإذا كنت مهتمًا بحلول غير ضريبية لاستعادة الأسر العادية لثروتها، لدينا فيديو بعنوان “حد زمني للثروة” كنت قد أعددته قبل عدة سنوات على قناتي، قناة GarysEconomics على اليويتوب. لكن واقعيًا، أعتقد أن الأمل الوحيد لإعادة توزيع الثروة لصالح الطبقة العاملة والطبقة الوسطى، ولإيقاف تدفق الثروة نحو الأغنياء، هو ما قاله المؤرخ الهولندي روتجر بريجمان: “الضرائب، الضرائب، الضرائب”.
أنا مقتنع تمامًا بأن هذه هي الطريقة الوحيدة. أعلم أن الأمر صعب لأن الأغنياء سيعارضونه بشدة، لكنني أعتقد أنه ما لم نتمكن من فرض مستويات ضرائب أعلى بكثير على الأثرياء، فلن يكون هناك أي طريقة أخرى لاستعادة الثروة للأسر العاملة والطبقة الوسطى.
هل الضرائب حل فعلي لأزمة الاقتصاد الأمريكي؟
عندما نتحدث عن الضرائب، أعتقد دائمًا أنه من المفيد للغاية عند مناقشة كيفية فرض المزيد من الضرائب على الأغنياء وتقليل الضرائب على الأسر العاملة وإعادة تدفق الثروة إلى الأسر العاملة، أن نقسم هذا السؤال إلى جزأين منفصلين تمامًا.
- السؤال الأول هو: ما هي التغييرات المحددة التي نريدها في النظام الضريبي؟
- السؤال الثاني هو: كيف يمكننا تحقيق هذه التغييرات؟
وأرى أنه من المهم جدًا فصل هذين السؤالين، لأنهما في الحقيقة مسألتان منفصلتان تمامًا. السؤال الأول هو مسألة تقنية بحتة.
هذا النوع من الأسئلة هو في الأساس سؤال لمستشاري الضرائب، لمخططي الضرائب، إنه سؤال اقتصادي تقني. أما السؤال الثاني، فهو مسألة تتعلق بالسلطة، يتعلق بكيفية فرض هذه التغييرات. والسبب الذي يجعلني أعتقد أن من المهم جدًا الفصل بين هذين السؤالين هو أننا نميل إلى التركيز بشكل كبير جدًا على السؤال الأول، خاصة عندما نتحدث إلى أشخاص مثلي، أي إلى الاقتصاديين. الناس يريدون أن يعرفوا: “ما هي التغييرات التي يجب إجراؤها في النظام الضريبي؟ ما هي التفاصيل؟” وأعتقد أن هذا نهج ساذج بعض الشيء، لأن الحقيقة هي أننا نخسر النقاش حول السؤال الثاني، وهو كيفية فرض هذه التغييرات.
لماذا السؤال الثاني هام للغاية؟
حاليًا، لا يتم فرض أي ضرائب على الأثرياء، بل على العكس، نرى تغييرات في النظام الضريبي تؤدي إلى فرض ضرائب أقل على الأثرياء وضرائب أعلى على العمال. وهذا يحدث حتى في الدول التي لديها حكومات ذات توجه يساري من المفترض أن تكون أكثر دعمًا للفقراء. هذا ما يحدث هنا في المملكة المتحدة، حيث لدينا حكومة عمالية، وكان يحدث في عهد جو بايدن أيضًا. نحن نرى حتى في ظل الحكومات اليسارية عجزًا تامًا عن فرض ضرائب أعلى على الأثرياء.
لذا، من الضروري إدراك أن هذين السؤالين منفصلان، لأننا كثيرًا ما نجد أنفسنا في موقف حيث أحاول، كشخص اقتصادي، أن أوضح بجلاء أنه إذا لم نغير النظام الضريبي، فإن المجتمع سينهار، ثم يأتي شخص آخر، ربما يكون غنيًا أو ممولًا من الأثرياء، ويقول: “لكن ما التغييرات المحددة التي تريد إجراؤها؟” ثم يطلب منك أن تجلس وتضع نظامًا ضريبيًا جديدًا أمامه بكل تفاصيله.
بعد ذلك، سيحاول أن يثبت أن هناك خللًا في هذا الاقتراح أو أن هناك مشكلة في نقطة معينة، ليقول في النهاية: “هذا لن ينجح”. انظر، أنا لست متمسكًا بشكل محدد لنظام الضرائب. أنا أدرك تمامًا أنه من الضروري تصميم نظام ضريبي بعناية لضمان أن الأثرياء هم من يدفعون الضرائب، وليس الطبقة الوسطى. أنا على دراية بهذه المشكلة، وأعلم أن كل شكل من أشكال الضرائب له تحدياته، وندرك أننا بحاجة إلى تخطيط دقيق.
لكن الحقيقة هي أن الأهم من كل ذلك هو تحقيق التغيير، وهناك أشكال مختلفة يمكن أن يتخذها هذا التغيير. أنا شخصيًا أؤيد الضرائب على الثروة. هناك آخرون يدعمون فرض مساواة بين ضرائب الأرباح الرأسمالية وضريبة الدخل. هناك أيضًا من يدعو إلى إغلاق الثغرات التي تسمح للأثرياء بعدم دفع أي ضرائب. كل هذه الأفكار جيدة، ولكن لا ينبغي أن يكون السعي وراء الحل المثالي عائقًا أمام تحقيق أي تقدم.
الحقيقة أننا نخسر المعركة حول السؤال الثاني، وإذا خسرناها، فإن ذلك يعني أن عائلتك وعائلتي ستتعرض للإفلاس. لقد بدأت في هذا المجال كاقتصادي كان يركز كثيرًا على السؤال الأول، ولكنني تحولت إلى ناشط وصانع محتوى على يوتيوب (YouTube)، بل وعلمت نفسي كيف أكتب كتابًا، لأنني أدركت أننا بصدد خسارة المعركة حول كيفية فرض التغيير. لهذا، سأركز على السؤال الثاني.
“قد يهمك: النظام الضريبي التركي“
ما هي التغييرات المحددة التي نريدها في النظام الضريبي؟
الشيء الوحيد الذي سأقوله عن السؤال الأول هو أن هناك من يدعي أنه لا جدوى من محاولة فرض ضرائب على الأغنياء، لأن الحد من عدم المساواة أمر مستحيل. لكن الجواب على ذلك واضح تمامًا: الحد من عدم المساواة ممكن 100%، لأننا فعلناه في القرن العشرين. في بداية القرن العشرين، كانت مستويات عدم المساواة في المملكة المتحدة، وأوروبا، والولايات المتحدة مرتفعة للغاية، وكانت العائلات العادية تعيش في فقر مدقع.
لكن على مدار القرن العشرين، تم تقليل عدم المساواة في الثروة بشكل كبير، مما سمح بنقل الثروة إلى أيدي الأسر العادية، وهذا أدى إلى ارتفاع ملحوظ في مستويات المعيشة، مما جعل أجيال آبائنا وأجدادنا تعيش حياة أفضل بكثير مما عاشه الناس في أوائل القرن العشرين. لذلك، علينا الآن أن نركز على تحقيق نوع من التغيير، لأننا إذا قضينا كل وقتنا في الجدال حول الشكل المحدد لهذا التغيير، فلن نحصل على أي شيء على الإطلاق.