عودة القوات الجوية الأمريكية من أنتاركتيكا بعد إنجاز مهمة صيفية

US Air Force returns from Antarctica after summer mission accomplished

تدعم القوات الجوية الأمريكية عمليات البحث العلمي في القطب الجنوبي عبر رحلات جوية شاقة، وتنقل الإمدادات وتنفذ مهام الطوارئ في بيئة قاسية وغير متوقعة.

عادت آخر طائرة نقل تابعة لسلاح الجو الأمريكي إلى الولايات المتحدة في 7 مارس، بعد صيف حافل في مدينة كرايستشيرش بنيوزيلندا. فمن هذه المدينة النيوزيلندية، قامت القوات الجوية برحلات متكررة إلى القارة القطبية الجنوبية لدعم برنامج المؤسسة الوطنية للعلوم هناك. تعرف في السطور التالية على تفاصيل عودة القوات الجوية الأمريكية من أنتاركتيكا بعد إنجاز مهمة صيفية.


عودة القوات الجوية الأمريكية من أنتاركتيكا إلى الولايات المتحدة

كان برنامج الصيف لهذا العام مميزًا لسببين رئيسيين. أولًا، استخدم سلاح الجو طرازًا جديدًا من الطائرات، بالإضافة إلى الطائرات المعتادة مثل لوكهيد مارتن LC-130H هيركوليز المزودة بزلاجات (Skibirds) وطائرات بوينغ C-17A غلوب ماستر III، للسفر إلى أحد أكثر المواقع النائية في العالم.

وأوضح المقدم جاك سميث، قائد السرب الجوي الاستكشافي 304 للعمليات الجوية في القطب الجنوبي، لصحيفة ديفينس نيوز سبب مشاركة طائرات C-130H التابعة للحرس الوطني الجوي في نيفادا، والتي نفذت حوالي عشر مهام إلى القارة المتجمدة.

وقال سميث: “هناك فترة توقف لطائرات C-17، تمتد من حوالي 5 ديسمبر حتى الأسبوع الثالث من يناير، حيث لا نستطيع تشغيلها لأن المدرج يصبح طريًا جدًا. لكن طائرات C-130 يمكن أن تبدأ العمل في وقت مبكر لأنها أصغر وأخف وزنًا، مما يتيح لنا خيار نقل الركاب شمالًا وجنوبًا خلال هذه الفترات الفاصلة.”

على الرغم من أن طائرات C-17 يمكنها حمل كميات أكبر من البضائع، أوضح سميث أن تشغيل طائرات C-130H القادمة من رينو أقل تكلفة. وأضاف: “إنها طائرة صغيرة وتستهلك وقودًا أقل.” كما أنها أكثر كفاءة من طائرة LC-130، وهي أكبر طائرة في العالم مزودة بزلاجات. فهذه الزلاجات تؤثر بشكل كبير على الديناميكية الهوائية للطائرة، مما يؤدي إلى استهلاكها وقودًا بنسبة 25% أكثر مقارنة بطائرة C-130H.

أما الجانب الجديد الثاني في عملية “التجميد العميق” لهذا العام – وهو الاسم الذي أُطلق على عمليات الدعم الجوي في القطب الجنوبي منذ عام 1955 – فكان الجهود المبذولة لإعادة بناء رصيف بحري في محطة ماكموردو، حيث يتم تفريغ البضائع والإمدادات من السفن. وأوضح سميث أن طائرات C-17 نقلت شحنات ثقيلة مثل الرافعات وآلات الحفر الكبيرة لدعم هذه المهمة.

“قد يهمك: البحرية الأمريكية تخطط لنشر مدمرة ثانية لدوريات في المياه قبالة الولايات المتحدة والمكسيك هذا الأسبوع”


إعادة بناء رصيف بحري في ماكموردو بالقارة الجنوبية

يتولى مهندسو البحرية الأمريكية (Navy Seabees) مسؤولية إعادة بناء هذا الرصيف الحيوي، الذي تحطم سابقًا إلى نصفين، ويتطلب إنجازه عامين من العمل. تصل الإمدادات الضخمة والوقود عبر سفن كاسحة الجليد. في العام الماضي، نقلت الولايات المتحدة 90 مليون رطل من البضائع إلى القارة القطبية الجنوبية، وصل منها 85 مليونًا عن طريق البحر.

تتحمل طائرات القوات الجوية مسؤولية مواجهة الظروف القاسية لنقل الأفراد والمعدات والإمدادات إلى القطب الجنوبي. وبالحديث عن التحديات التي تواجه الطيران في هذا المناخ القاسي، أوضح سميث أن الطقس يمثل التحدي الأكبر. إذ يمكن أن تتغير الظروف في ماكموردو بسرعة، أو قد تتعرض الطائرات لمشاكل تقنية أثناء الرحلة.

وهذا قد يؤدي إلى ما يُعرف بـ “البوميرانغ”، حيث تعود الطائرة إلى كرايستشيرش أثناء تحليقها في منتصف الطريق. وقال سميث: “هناك نقطة نطلق عليها ’نقطة العودة الآمنة‘، وبمجرد الوصول إليها، يجب اتخاذ قرار بناءً على توقعات الطقس.”

يمتد موسم الصيف من أوائل أكتوبر حتى أوائل مارس. وأوضح سميث: “طائرات LC-130 ستبقى هنا طوال هذه الفترة تقريبًا، حيث تؤدي عمليات النقل الجوي داخل القارة، متنقلة بين محطة ماكموردو ومدارج الهبوط الجليدية الأخرى جنوبًا.” أما بالنسبة لطائرات C-17، فأكد: “تركيزنا ينصب على الرحلات بين كرايستشيرش وماكموردو ذهابًا وإيابًا.”

وأشار إلى أن هناك تحديات أخرى مثل مشاكل الاتصالات، حيث قال: “قد تعمل أجهزة الراديو عالية التردد (HF) أو لا تعمل عند التوغل جنوبًا لمسافات بعيدة، ما قد يؤدي إلى صعوبات في استقبال تحديثات الطقس”. كما أن فقدان الإحساس بالموقع قد يحدث إذا لم يتمكن الطيارون من تحديد الأفق بوضوح.

Live
HD
4K
عودة القوات الجوية الأمريكية من أنتاركتيكا بعد إنجاز مهمة صيفية
0:45 / 6:30

أما بالنسبة لمكان هبوط الطائرات الثقيلة C-17، فهو المطار الجليدي “فينيكس” في ماكموردو، والذي يتكون من جليد مضغوط. لكن، هل يعتبر الإقلاع والهبوط على مدرج جليدي تحديًا كبيرًا؟ أجاب سميث: “بصراحة، الأمر ليس مختلفًا كثيرًا، يشبه الهبوط على مدرج مبلل، فإذا كان المدرج هنا في كرايستشيرش مبللًا، فإن الهبوط على فينيكس سيكون مشابهًا تقريبًا.” في بعض الأحيان، قد تقوم الطائرات بإلقاء إمدادات طارئة جوًا إلى القطب الجنوبي، لكن ذلك لم يحدث خلال الموسم الصيفي الذي انتهى مؤخرًا.

إعادة بناء رصيف بحري في ماكموردو بالقارة الجنوبية
طائرة C-17 Globemaster III تابعة لجناح النقل الجوي 62 تستعد للإقلاع من مطار فينيكس، أنتاركتيكا، 20 أكتوبر/تشرين الأول 2024. (صورة للقوات الجوية الأمريكية)

دور القوات الجوية الأمريكية في إنقاذ الأرواح ودعم العلماء في القطب الجنوبي

تستغرق رحلة هيركوليز حوالي 8 ساعات للوصول إلى القارة القطبية الجنوبية، مقارنة بـ 5 ساعات فقط لطائرة C-17. وبالتالي، فإن متوسط مدة رحلة غلوب ماستر إلى القطب الجنوبي والعودة يتراوح بين 16-18 ساعة. أما طاقم الطيران النموذجي لطائرة C-17A فيتكون من أربعة طيارين، وأربعة ضباط شحن جوي، واثنين من كبار مهندسي الطيران. وأوضح سميث أن هذه الرحلات تساعد أيضًا في تأهيل وتدريب الطواقم.

خلال شهري أكتوبر ونوفمبر 2024، نفذت طائرات C-17 حوالي 24 مهمة، تلتها ثماني رحلات إضافية في أوائل 2025. كما ستعود طائرة واحدة إلى نيوزيلندا لتنفيذ بضع مهمات خلال فصل الشتاء في أغسطس، عندما تسيطر الظلمة الدائمة على أقصى الجنوب. وفي ذروة العمليات، تتم ما بين 5-8 رحلات جوية أسبوعيًا نحو القطب الجنوبي، بما في ذلك رحلات هيركوليز.

“قد يهمك: إدارة ترامب تنشر ملفات اغتيال جون كينيدي

يعمل سرب سميث ضمن الجناح الجوي 62 للنقل المتمركز في قاعدة لويس-ماكورد المشتركة بولاية واشنطن. كما تخضع هذه التشكيلات، بالإضافة إلى طائرات LC-130 وC-130H، لقيادة القوة المشتركة، قوات الدعم في القطب الجنوبي، والتي يقع مقرها في هيكام، هاواي، أثناء دعمها لعملية التجميد العميق.

هذا العام، قاد سميث فريقًا من 38 فردًا مكلفين بالعمليات الجوية على متن C-17A. يتم اختيار الطيارين ومدربي التحميل الجوي الأكثر خبرة فقط لهذه المهام. وقال: “نريد أشخاصًا لديهم خبرة مسبقة في تشغيل C-17، ثم نسمح لأسرابهم في القواعد المحلية بترشيح من يرسلونهم.”

دور القوات الجوية الأمريكية بالقارة الجنوبية
تم تصوير المقدم جاك سميث من القوات الجوية الأمريكية في مطار كرايستشيرش الدولي التابع للخدمة، قبل وقت قصير من عودته إلى الولايات المتحدة في مارس 2025.

نظرًا لأن العديد من أفراد القوات الجوية يرغبون في المشاركة، تُعتبر هذه المهمة برنامج تحفيزي للقادة. وأضاف سميث: “يستخدمونها كمكافأة للأداء المتميز داخل أسرابهم. لذا، نقوم في كل دورة باختيار فريق من أفضل العناصر في قاعدة ماكورد، مما يسهل عملي كثيرًا – فأنا أعمل مع مجموعة من الأشخاص الموهوبين للغاية.”

لكن طائرات LC-130H هيركوليز التابعة للحرس الوطني الجوي في نيويورك بدأت تصبح قديمة، وهناك حاجة لاستبدالها. وفقًا لمصدر في القوات الجوية، فإن البديل المرجح سيكون C-130J. مع ذلك، لا تستطيع طائرات C-130J العادية التابعة لسلاح الجو الأمريكي التحليق إلى القارة القطبية الجنوبية، لأنها تفتقر إلى خزانات وقود في الأجنحة.

على النقيض من ذلك، لا تواجه نيوزيلندا هذه المشكلة، إذ قامت القوات الجوية النيوزيلندية بالفعل بتشغيل طائراتها الجديدة C-130J-30 في القطب الجنوبي، بفضل قدرتها على الطيران لمسافات أطول بفضل خزانات الوقود الجانبية. ورغم أن البنتاغون قد يعيد ترتيب أولويات الجيش الأمريكي، فإن دور القوات الجوية في عملية التجميد العميق لا يبدو معرضًا للخطر.

بالنسبة للعلماء العاملين في القطب الجنوبي، لا توجد وسيلة أخرى للحصول على الإمدادات الطارئة، وقد تجلى ذلك عندما قاد سميث، في إحدى الرحلات الأخيرة للموسم، مهمة طوارئ على متن C-17 لإجلاء حالة طبية حرجة من ماكموردو.

اترك رد