الابتزاز الاقتصادي الأمريكي للكويت: تصريحات وزير التجارة الأمريكي
US economic blackmail of Kuwait
تصاعد الحديث عن الابتزاز الاقتصادي الأمريكي للكويت بعد تصريحات وزير التجارة الأمريكي وارد لوتنك، الذي ربط بين رسوم الكويت الجمركية وتكاليف حرب تحرير الكويت

شهدت العلاقات الكويتية الأمريكية في الآونة الأخيرة موجة من التوترات والتساؤلات، لا سيما بعد التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها وزير التجارة الأمريكي وارد لوتنك، المعروف بقربه من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وقد وصفه البعض بأنه “المُحصّل غير الرسمي لجزية ترامب”، في إشارة إلى دوره في الضغط الاقتصادي على الدول باسم الإدارة الأمريكية.
قائمة المحتويات
تصريحات مثيرة: الكويت نموذجًا للابتزاز
في تصريح علني أثار الجدل، ضرب وارد لوتنك مثلاً بالكويت عندما تحدث عن الرسوم الجمركية المرتفعة التي تفرضها بعض الدول على المنتجات الأمريكية، وأشار إلى أن الكويت، التي “أنفقت الولايات المتحدة نحو 100 مليار دولار لتحريرها” – بحسب زعمه – هي اليوم من بين الدول التي تفرض أعلى الرسوم على السلع الأمريكية.
قال الوزير حرفيًا:”هل تعلمون ما هو أفضل مثال؟ إنها الكويت. لقد أنفقنا نحو 100 مليار دولار لتحرير الكويت، أليس كذلك؟ والآن هي الدولة التي تفرض أعلى رسوم جمركية على الولايات المتحدة”. هذه التصريحات ليست الأولى من نوعها، بل سبق لترامب نفسه أن أشار إلى “عدم وفاء الكويت بدفع ثمن تحريرها”، في أكثر من مناسبة، خصوصًا خلال حملته الانتخابية عام 2011، وعاد ليؤكد هذا الطرح خلال فترة رئاسته.
تضخيم التكلفة: أرقام مشكوك فيها
رغم ادعاءات الإدارة الأمريكية بأن تكلفة تحرير الكويت بلغت 100 مليار دولار، تشير الحقائق والتقارير الدولية إلى أن الرقم الحقيقي أقل بكثير. فقد تكفلت الكويت والسعودية بسداد الجزء الأكبر من الفاتورة، حيث دفعت كل منهما حوالي 20 مليار دولار، ضمن مساهمة إجمالية لدول الخليج وصلت إلى نحو 60 مليار دولار.
وفي المقابل، لم تتجاوز مساهمة الولايات المتحدة المالية في الحرب – وفقًا لتصريحات ترامب المصورة نفسها – حاجز 5 مليارات دولار. بل إن بعض المحللين يشيرون إلى أن واشنطن حققت أرباحًا ضخمة من خلال عقود تسليح بمئات المليارات بعد الحرب، فضلًا عن تجريب وتطوير نظم دفاعية مثل باتريوت ومقاتلات F-18 ودبابات أبرامز.
“قد يهمك: الصراع التركي السعودي: مواجهة خفية بين مشروعين إقليميين”
الرسوم الجمركية: الأرقام تكشف الحقيقة
تصريح الوزير الأمريكي عن أن الكويت تفرض أعلى الرسوم الجمركية على السلع الأمريكية يبدو بعيدًا عن الواقع. فالإحصائيات تؤكد أن الكويت تطبق رسومًا جمركية لا تتجاوز 5%، وهي من بين أدنى النسب عالميًا، في حين أن ضريبة القيمة المضافة لا تزال صفرًا، مما يجعل التصريح أقرب إلى محاولة تهيئة الرأي العام لخطاب سياسي-اقتصادي ضاغط.
الخلفية السياسية: ترامب وصفقات الضغط
من الملاحظ أن هذه التصريحات تأتي في سياق حملة ضغوط اقتصادية مارستها إدارة ترامب على العديد من الدول، بما فيها دول حليفة مثل كندا، أستراليا، ودول الاتحاد الأوروبي. فقد استخدم ترامب منطق “من يدفع أكثر هو الحليف الأقرب”، وهي سياسة أعادت صياغة شكل التحالفات الاستراتيجية الأمريكية. فصفقة التريليون دولار التي أبرمها ترامب مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كانت نموذجًا صريحًا لهذا المنهج القائم على الابتزاز السياسي مقابل الحماية أو الدعم الأمريكي.
ردود الفعل الكويتية: وعي وتحرك دبلوماسي
لم تمر التصريحات الأمريكية مرور الكرام، إذ عبّرت عدة شخصيات سياسية كويتية عن قلقها من المسار الذي تسلكه واشنطن. فقد أكدت الوزيرة والنائبة السابقة جنان بوشهري أن من السذاجة اعتبار حديث الوزير الأمريكي عابرًا، مشددة على أن “الكويت ليست بمنأى عن رادار الضغوط الأمريكية”.
أما النائب السابق صالح عاشور، فقد دعا إلى إعادة تقييم السياسة الخارجية الكويتية، وتنويع التحالفات الدولية بما يتوافق مع المصالح الوطنية العليا، مشيرًا إلى ضرورة تفعيل مشاريع مثل ميناء مبارك الكبير والمنطقة الاقتصادية الحدودية.
“قد يهمك: الممثلة التركية سيفيل أكداغ“
الابتزاز الاقتصادي: سياسة لا تصريحات فقط
تصريحات وارد لوتنك ليست مجرد رأي فردي، بل تعكس توجها عامًا لإدارة ترامب في تحويل العلاقات السياسية إلى معاملات مالية، تحت ذريعة التكاليف العسكرية أو “الحماية”، وقد سبق أن ابتز ترامب دول الناتو بطلبه دفع المزيد من الأموال، وهدد كوريا الجنوبية واليابان بإعادة نشر القوات الأمريكية ما لم يتم زيادة المدفوعات، بل حتى أوكرانيا وألمانيا لم تكونا بمنأى عن هذه الاستراتيجية.
هل تواجه الكويت مرحلة ضغط غير مسبوق؟
تشير كل المعطيات إلى أن الكويت (Kuwait) قد تكون في مواجهة ضغوط اقتصادية أمريكية جديدة، ربما تتجسد في مطالب مالية أو فرض شروط تجارية، كتلك التي حدثت في ملفات أخرى مشابهة. ويذهب بعض المحللين إلى أن ما حدث قد يكون تمهيدًا لصفقة ما، يرغب ترامب – أو من يتبنى سياسته – في عقدها مع الكويت، تحت مسمى “سداد فاتورة التحرير”، مستغلًا السردية الأمريكية المزيفة حول أرقام المشاركة في الحرب.
“قد يهمك: لماذا غزو مصر فكرة انتحارية“
الابتزاز الاقتصادي الأمريكي للكويت: ما بين الحقائق والابتزاز
الابتزاز الاقتصادي الأمريكي للكويت، كما يتجلى في تصريحات وارد لوتنك، يثير العديد من علامات الاستفهام حول نية واشنطن في إعادة صياغة علاقتها الاقتصادية مع الكويت. فهل نحن أمام مرحلة جديدة من الضغوط السياسية عبر أدوات التجارة؟ وهل ستتجاوب الكويت أم ستعيد رسم تحالفاتها كما يطالب بعض السياسيين؟ إن ما يلوح في الأفق ليس مجرد نزاع حول رسوم جمركية، بل صراع على السيادة الاقتصادية، تتداخل فيه الأبعاد السياسية، التاريخية، والتحالفات الدولية.