تزكية النفس؛ المفهوم والأهمية وطرق القيام بذلك
purification of the self
تزكية النفس؛ تعرف هنا على كيفية تزكية النفس وتطهيرها من الأخلاق البغيضة، وأهميتها في أخلاق المسلم، تعرف على فوائدها وما أعده الله لمن يزكي نفسه من أجر وثواب
تزكية النفس؛ قد حث الإسلام على تطهير النفس الإنسانية من الخبث؛ لأنها من سبل الوصول إلى الله، قال تعالى في القرآن “قد أفلح من زكاها”، ثم قال تعالى في سورة الشمس “فلا اقتحم العقبة” وكما ذكر ابن القيم مقولة في تزكية النفس: زكاة النفس وطهارتها موقوفة على محاسبتها فلا تزكوا ولا تطهر البتة إلا بمحاسبتها، وفي هذه المقالة سوف نتعرف على مفهوم تزكية النفس purification of the self وفوائدها، وطرق القيام بذلك.
قائمة المحتويات
مفهوم تزكية النفس
تزكية النفس المعنى اللغوي تزكية أي طهارة، والاصطلاحي كما يقول الغزالي قمع الأهواء، أي مخالفة هوى النفس وتربيتها من كل ما يشوبها من شرك وأمراض قلوب، وكل خوارم (نواقص) المروءة من الأخلاق الغير حميدة والتخلص منها، فهي تنقسم إلى قسمان تخلية الأخلاق الرديئة (تركها) والتزود بالطاعات والأخلاق الحسنة وترويض النفس عليها.
تزكية النفس في القرآن
لا شك أن معرفة الله -عز وجل- بأسمائه وصفاته تساهم في تزكية النفس، وكان للقرآن دور عظيم في معرفة الإنسان بنفسه قال تعالى (إِنَّا خَلَقْنَا الإنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ)، مذكرًا إياه أصل خلقه حتى لا يتكبر، وكلما زاد معرفة الإنسان بربه كلما زاد افتقاره، واحتياجه إليه أنه لا قيمة له إلا بعبادة الله، فمن خلال القرآن نتعرف على:
حقيقة الدنيا
القرآن له دور كبير في تزكية النفس لما يحتويه على حقيقة الحياة وأنها زائلة، وتبيانه أساس وجود الخليقة (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )، وبيانه عاقبة النفس الخبيثة وما أعد الله لها من عذاب. القرآن أيضًا عرض قصص الأقوام السابقة وما حل بهم من عذاب بسبب الكبر وعدم قبول الحق، ذلك الكبر الذي يعد من أخطر أمراض القلوب، ويهوي بصاحبه في جهنم
تناول القرآن قصة الوليد بن المغيرة الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع القرآن فرق قلبه، وقال إن ما سمعه من محمد ليس بكلام إنس ولا كلام جن ولا قول بشر، فبلغ ذلك قريش، فآتي إليه صاحبه أبو جهل، وقال له قل في القرآن قول منكر، فقال الوليد بن المغيرة إنه سحر وقول بشر، فنزلت فيه الآية (فَقَالَ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَٰذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) فكان عاقبة الكبر وصحبة السوء أن يدخل النار مخلدًا فيها، كما يوجد بالقرآن بشائر لمن قام بتزكية نفسه {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا}.
“شاهد أيضًا: أثرياء الصحابة رضي الله عنهم“
قصص الأقوام السابقة
يُعرض في القرآن العديد من قصص الأقوام السابقة والنماذج التي استسلمت لأمراض القلوب من عجب وغرور وكبر فأهلكتهم، كإبليس، وفرعون، قارون.
التدبر وعلاقته بتطهير القلب
مع أهمية القرآن في التذكير والتوجيه واحتوائه على المواعظ البليغة، إلا أن هذا كله غير كافي لدفع المرء للعمل بمقتضاه إلا إذا تدبره، وهنا يأتي دور التدبر في هيمنته على القلب وتأثيره على المشاعر؛ مما يولد الهمة والطاقة الدافعة للقيام بأعمال البر.
حقيقة النفس
بقراءة القرآن سوف تشعر بقلة ما نقدمه من أعمال، وذلك من خلال التدبر في خلق الله والملائكة وأنهم لا يفترون عن العبادة. قال تعالى ﴿ فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا، فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ ﴾، وما نقدمه من أعمال هو من تفضيل الله علينا حتى لا نمن بالطاعة.
تربية الله لأنبيائه ورسله
من خلال القرآن نتعلم كيف ربي الله الرسل والأنبياء، وكيف أعانهم على تزكية أنفسهم، فعاتب الله تعالى رسوله في إعراضه عن عبد الله بن أم مكتوم عندما سأله لانشغاله برجال من عظماء قريش، فنزلت السورة لنهي النبي عن أن يعود لمثل هذا، وقد كان النبي ينادي عبد الله ابن أم مكتوم: أهلا بمن عاتبني فيه ربي.
“قد يهمك: كيفية حفظ القرآن الكريم“
كيفية تزكية النفس بخطوات عملية؟
اهتمّ العلماء والعارفون بالله بمسألة تزكية النفس وإصلاحها، والتي هي في الأساس تقوم على أسس عقيدية وأسس عملية ويمكن تربية نفسك من خلال اتباع 6 طرق فعالة في تحقيق التزكية، وهي:
- مجاهدة النفس في ترك ما نهى الله، قال تعالى (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ).
- إقام الصلاة وتحقيق أركانها وخشوعها: سبيلٌ إلى تزكية النفس.
- لتزكية النفس عليك بالصدقة؛ فهي تزكية للنفس عن اجتناب شح النفس.
- التوبة ومحاسبة النفس، فقد أقسم الله تعالى بالنفس اللوامة.
- الصيام لما فيه من حبس النفس عن الحلال وترويضه على الصبر.
- أيضًا تحقيق التقوى سبيلٌ إلى تزكية النفس.
يمكنك من هنا تحميل كتاب عشر قواعد في تزكية النفس، وهو من تأليف عبدالرزاق بن عبد المحسن البدر، والذي سوف يفيد في تكميل النفس الإنسانية بقمع أهوائها وإطلاق خصائصها الجيدة.
“تعرف على: مشاريع صغيرة مربحة“
فوائد تزكية النفس
قد حث الإسلام على الأخلاق الحميدة وجعلها معيار لإيمان المرء؛ فهو مفضل في الدنيا بين الناس ومفضل في الآخرة بعلو المنزلة، وتكمن فوائد تزكية النفس في الآتي:
- تأديب النفس وتهذيبها سبب لطهارة القلب، وبصلاح القلب تصلح الجوارح كما قال العلماء: اللسان مغرفة القلب.
- تهذيب النفس سبب لمحبة الله ورسوله للعبد، وسبب لبلوغه علو المنزلة برفقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة.
- يُؤتيه الله البصيرة، وهي نور يقذفه الله في قلبه للتفرقة بين الحق والباطل.
- دخول الجنة والوقاية من النار بسبب تهذيب النفس وتزكيتها، قال تعالى (جَنّاتُ عَدنٍ تَجري مِن تَحتِهَا الأَنهارُ خالِدينَ فيها وَذلِكَ جَزاءُ مَن تَزَكّى).[٤]
“تعرف على: الأطعمة الممنوعة لمرضى السكر“
منهج ابن القيم في تزكية النفس
تميز ابن القيم رحمه الله في سائر كتاباته باتباع المنهج الإصلاحي الذي يحث على التفكير وتفقد أحوال الإنسان وأعماله القلبية والظاهرة والتماس أسباب فساد القلب ومن ثم العمل على استئصالها، وقد حدد ابن القيم رحمه الله أنواع النفس إلى ثلاث:
النفس المطمئنة
هي النفس التي عرفت ربها حق المعرفة، فاطمأنت له وأنابت إليه ورضيت بقضائه، فهي استقرت في مقام الاطمئنان. تمتاز هذه النفس بالتواضع، الإيثار، الرضا بالقضاء، الإحسان، التقوى، الصبر، التوبة.
النفس اللوامة
فقد أقسم الله تعالى بهذه النفس في القرآن في قوله ( وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ )، وسُميت بذلك لأنها تلوم صاحبها على تقصيره في طاعة الله تعالى.
النفس الأمارة بالسوء
هي النفس التي تدفع صاحبها إلى كل خبيث من المعاصي والأقوال المحرمة والمشاعر الخاطئة مثل الحسد والحقد وغيرها من الأعمال السيئة.
“تعرف على: نصائح لاستقبال العام الجديد“
أسئلة شائعة عن التزكية
في التالي بعض الأسئلة حول تزكية النفوس:
أجمل ما قيل عن تزكية النفس؟
كيف تكون تزكية القلب؟
لماذا نهي الله عن الثناء على النفس؟
في الختام تعرفنا في هذا المقال على تزكية النفس المفهوم والأهمية وأساليب تزكيتها وطرق القيام بذلك. كما تناولنا فوائد تزكية النفس، وكيفية التزكية بطرق عملية، وتعرفنا على مختصر منهج ابن القيم في تزكية النفس. بشكل عام، يجب على كل مسلم أن يزكي نفسه ويُذكر نفسه بما أعد الله له من أجر عظيم بناءً على عمله، وعليه أن يعلم النفس من أشد أعداء الإنسان التي تدعوه إلى الطغيان وإيثار الحياة الدنيا على الآخرة، ويجب عليه أيضًا أن يتذكر دائمًا أن الآخرة خير وأبقى.
التعليقات مغلقة.