هل تخشى إيران الحرب أم تخشى شعبها أكثر؟
Does Iran fear war or does it fear its own people more
مقالة تحليلية تكشف تصاعد التهديدات الداخلية في إيران واحتمالية انهيار النظام من الداخل بسبب الاحتجاجات والانقسامات والاختراقات الأمنية

لم يعد الخطر يهدد إيران من الحدود فقط، بل أصبح يتسلل إلى الشوارع، القرى، والمدن. هجمات متكررة، انفجارات، واحتجاجات تعكس غضبًا مكبوتًا. التهديد لم يعد يأتي من الجو، بل من الداخل. فهل النظام الإيراني مستعد لسيناريو غير متوقع؟ وهل ستكون نهايته من الداخل لا من الخارج؟
قائمة المحتويات
من العدو الحقيقي؟ نظرة إلى الداخل الإيراني
لطالما اعتادت طهران أن تنظر إلى الخارج عند الحديث عن التهديدات، متهمة الولايات المتحدة، إسرائيل، السعودية، أو حلفاء الغرب. لكن في السنوات الأخيرة، بدأ المسؤولون الإيرانيون بالحديث بشكل متزايد عن تهديد داخلي. ففي كل مرة تحدث فيها عملية أو هجوم على منشأة أمنية، تتجدد التساؤلات داخل إيران: هل العدو فعلاً من الخارج؟ أم أن هناك من يسهل له الطريق من الداخل؟
في مارس 2025، وقع انفجار داخل منشأة تابعة لقوات التعبئة (البسيج) في طهران، وتم بحسب تقارير غير رسمية تفجير القنبلة من الداخل. كما شهد يناير الماضي عملية مسلحة في سيستان وبلوشستان أدت إلى مقتل عدد من عناصر الحرس الثوري. هذه العمليات أصبحت متكررة وأكثر دقة، ما يثير احتمال وجود تنسيق داخلي، أو على الأقل اختراق للأمن الإيراني. وهذا ما دفع بعض المراقبين للقول: ربما على إيران أن تقلق من الداخل أكثر من الخارج.
“قد يهمك: استقبال صدام حفتر في أنقرة“
خوف من الانهيار الناعم
إيران تدرك أن المواجهة المباشرة مع أمريكا أو إسرائيل غير مرجحة حاليًا، وهي تخشاها بشدة. لكن ما تخشاه أكثر هو “الاختراق الناعم” أو “الانهيار التدريجي”، وهي استراتيجية تعتمد على استغلال الاحتجاجات الداخلية، وتشجيع الانقسامات القومية والطائفية، وتمويل معارضين، واستهداف مؤسسات الدولة عبر عملاء من الداخل.
تجربة ماهسا أميني بداية الشرخ
في عام 2022، اندلعت احتجاجات واسعة عقب مقتل الشابة مهسا أميني. ورغم القمع العنيف، إلا أن الشرخ الذي أحدثته كان عميقًا. لم تكن مجرد مظاهرات، بل تمردًا لجيل جديد لم يعش الثورة الإسلامية، ولا يرى في شعارات النظام إلا عائقًا أمام مستقبله. لقد كشفت تلك الاحتجاجات عن شعبية نظام تتآكل، وأرضية خصبة لأي بديل محتمل.
القوميات في إيران قنبلة موقوتة
إيران دولة متعددة الأعراق والطوائف: فرس، أذريون، عرب، أكراد، بلوش، وتركمان. ومع تصاعد التمييز والتهميش، بدأت بعض هذه المكونات تعبر عن سخطها علنًا، كما في البلوش شرقًا، والعرب في الأحواز، والأكراد غربًا. مناطق شهدت تمردات، احتجاجات، ومواجهات مسلحة. هنا، يخشى النظام أن تتحول هذه التحركات إلى تمرد منظم مدعوم خارجيًا، وهو ما يصفه البعض في إيران بـ”السيناريو البديل”.
اختراق استخباراتي من الداخل
وفق مصادر متعددة، فإن الاستخبارات الإسرائيلية (الموساد) والوكالات الأمريكية ركزت جزءًا من عملها على بناء شبكات داخل إيران، لا لتنفيذ عمليات فقط، بل لإرباك النظام وضرب ثقته بأجهزته الأمنية. الاغتيالات التي طالت علماء إيرانيين، والهجمات السيبرانية على المنشآت النووية، كلها كانت ضمن هذه الاستراتيجية. الجديد أن العمليات باتت تنفذ من الداخل، بمساعدة أفراد من داخل الأجهزة الإيرانية نفسها.
خيانات داخلية واغتيالات غامضة
منذ اغتيال قاسم سليماني في العراق، بدأ الحديث في إيران عن خيانات داخلية. وقد تكررت الاغتيالات، كما حدث مع علي هاشمي في قلب طهران، دون نتائج واضحة أو معرفة من سرّب المعلومات، أو نفذ الاغتيالات من الداخل.
“اطلع على: كيف يضمن خط الأنابيب هذا الذي تبلغ قيمته 25 مليار دولار استقلال كندا“
رد فعل النظام الإيراني
النظام الإيراني لا يقف مكتوف الأيدي، بل بدأ بتوسيع نفوذه الأمني، وتعزيز الرقابة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وتشديد الإجراءات في مناطق الأقليات، إضافة إلى حملات اعتقال واسعة وملاحقة مزدوجي الجنسية، والتجسس على الإيرانيين في الخارج. لكن هذه الإجراءات قد تأتي بنتائج عكسية؛ فكلما زادت القبضة الأمنية، زاد الاحتقان الشعبي، وارتفعت فرص الانفجار في لحظة غير متوقعة.
لا أحد يتحدث عن سقوط فوري للنظام الإيراني، لكن هناك من يرى أن “السيناريو الأفضل” هو التأكل البطيء: يبدأ بتمردات محلية، ثم انتقال عدوى الاحتجاجات، ثم انشقاقات صغيرة، يليها ضعف اقتصادي وأمني، ثم انفجار سياسي يغيّر المعادلة. هذا السيناريو قد لا يكون وشيكًا، لكنه غير مستحيل، ليس فقط في نظر خصوم إيران، بل حتى في نظر بعض نخبها.
“قد يهمك: كيف تخطط أوروبا لحماية نفسها دون أمريكا“
هل ينهار النظام من الداخل؟
إيران التي لعبت دورًا مدمرًا في المنطقة، قد تصبح الدولة الأكثر عرضة للدمار من الداخل. فهي تحكم بنظام ديكتاتوري يقمع معارضيه ويمنع الأقليات من التعبير، ويفرض معتقداته بالقوة. وفي وقت ينشغل فيه العالم بأوكرانيا، غزة، وتايوان، يتشكل مشهد آخر داخل إيران، لا يُبث في الأخبار، بل ينمو في الأزقة، في غرف المراقبة، وفي صراعات أجهزة المخابرات.
- فهل تتدارك طهران هذا السيناريو قبل فوات الأوان؟
- وهل يكون الانهيار من الداخل هو العدو الذي لا يُهزم بالسلاح؟
- هل تعتقد أن النظام الإيراني يواجه خطرًا داخليًا حقيقيًا؟
- وهل يمكن للأنظمة أن تنهار من داخلها كما حدث مع الاتحاد السوفيتي؟