الأتمتة في عالم العملات الرقمية: سر بناء محفظة استثمارية عالية الأداء وتقليل المخاطر

الناس يواجهون مواقف “محفوفة بالمخاطر” بشكل شبه يومي. بالنسبة للبعض، قد تكون المخاطرة مجرد منح نفسك ساعتين فقط في المطار بدلاً من الثلاث ساعات الموصى بها قبل موعد الإقلاع. بالنسبة لآخرين، قد ترتبط المخاطرة بتهديد جسدي مثل القفز بالمظلات. على الرغم من أن هذه الأمثلة تُبرز المخاطر الشخصية، فإن المخاطر المالية تعمل على نطاق مختلف تماماً، حيث تؤثر في الأسواق والاقتصادات بأكملها.

تقلبات سوق العملات الرقمية

لطالما ارتبطت المخاطرة بسوق العملات الرقمية، حيث تظل التقلبات واحدة من أكثر خصائصه تميزًا، وتعني هذه التقلبات أن ارتفاعات السوق يمكن أن تكون درامية، لكن الانخفاضات غالبًا ما تكون أكثر حدة. خذ على سبيل المثال مخطط سعر البيتكوين، الذي يوضح ذرواته وانخفاضاته الحادة خلال 24 ساعة فقط.

ففي البيئة الرقمية الحالية، يمكن لتعليق أو تصرف واحد من شخص مؤثر أن يثير رد فعل فوري، ما قد يؤثر في نهاية المطاف على السوق بأكمله. فمنذ إعادة انتخاب الرئيس ترامب في نوفمبر، وبينما كانت العديد من الأسواق شديدة التأثر بأفعاله وتصريحاته، فإن البيتكوين والعملات الرقمية الأخرى بشكل خاص، واجهت تقلبات متزايدة. منشور واحد على منصة X أو موقفه من سياسة معينة كان كفيلاً بإحداث ارتفاع حاد أو هبوط مفاجئ في الأسعار.

وقد برزت قوة مثل هذه اللحظات الأسبوع الماضي، عندما انخفض سعر الإيثيريوم بشكل ملحوظ عقب تعليق من إريك ترامب، نجل الرئيس الأمريكي، حيث أخبر متابعيه على منصة X أن الوقت مناسب تماماً لإضافة الإيثيريوم إلى محافظهم الاستثمارية، وهو تعليق أدى إلى انخفاض قيمة العملة الرقمية بشكل شبه فوري، ويقول البعض إن التغريدة كانت مدفوعة بصلاته بمؤسسة World Liberty Financial (WLF)، وهي مشروع عملات رقمية مستوحى من ترامب ويمتلك أصولاً من الإيثيريوم.

“قد يهمك: أسواق العملات الرقمية تتفاعل مع يوم تحرير ترامب“

المستشارين الآليين في سوق العملات الرقمية

لقد جعلت الشكوك العامة في السوق والتأثيرات المتقلبة منه بيئة صعبة للمستثمرين للمناورة، خصوصًا لأولئك الجدد في هذا المجال. فعادةً ما يشعر المتداولون الجدد بالحماسة خلال فترة صعود السوق، ليُفاجأوا بعد ذلك بانخفاض في الأسعار، ثم يواجهون حالة من الذعر بسبب الخسائر المحتملة، التي غالبًا ما تكون فورية.

تاريخيًا، كان المتداولون يعتمدون على حدسهم والأنماط السابقة للتنبؤ بتحركات الأسعار. لكن في الوقت الحاضر، أصبح بإمكان المتداولين استخدام أدوات تعتمد على الخوارزميات لفهم ظروف السوق واتجاهاته، مما يتيح لهم اتخاذ قرارات مبنية على البيانات. وقد تم تطبيق هذا التحول في التمويل التقليدي، حيث ظهرت خدمات “المستشارين الآليين” كخدمات مؤتمتة تستخدم التحليلات والخوارزميات لتقديم نصائح مخصصة لإدارة الثروة.

بالتالي، لم تعد الرقابة اليدوية على المحافظ الاستثمارية ضرورية بشكل مطلق، وفي سوق العملات الرقمية، أصبحت البوتات قادرة الآن على تنفيذ الصفقات نيابةً عن المستخدمين. فبينما يحدد المستثمرون معايير معينة، تقوم الخوارزمية بالتصرف بناءً عليها، حتى في غياب المستخدم، مما يضمن عدم تفويت أي صفقة.

“اطلع على: Artificial Intelligence and Cryptocurrencies“

“اطلع على: اقتراح A16z لتنظيم العملات المشفرة”

الأتمتة في عالم العملات الرقمية

هناك العديد من منصات التداول المؤتمتة، تقدم كل منها أدوات لتبسيط عملية التداول. على سبيل المثال، تستخدم منصة Intellectia.ai الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات السوق وإجراء التنبؤات، مما يعمل على تحسين استراتيجيات التداول استنادًا إلى ظروف السوق. بإمكانها تلخيص كميات هائلة من البيانات وفقًا لاتجاهات السوق والتقارير المالية والمقالات الإخبارية وتحويلها إلى رؤى قابلة للتنفيذ. على الرغم من أنها أداة قوية، فإن ميزاتها المتقدمة قد تبدو معقدة للمبتدئين، خاصةً أولئك الذين لا يمتلكون دراية كافية باستراتيجيات التداول المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.

منصة أخرى هي 3Commas، والتي تستخدم بوتات تداول تعمل بشكل دائم لتنفيذ الصفقات بناءً على استراتيجيات محددة مسبقًا، مما يسهّل تحقيق نتائج أكثر فائدة للمستثمرين. تقدم المنصة مجموعة متنوعة من البوتات، من بوتات DCA (الاستثمار الدوري بمبالغ ثابتة) إلى بوتات GRID للتداول الشبكي، وجميعها يمكن تعديلها لتناسب كل من المتداولين الجدد والمخضرمين. مع ذلك، وبالمقارنة مع منصات أخرى، فإن 3Commas تُعد أكثر ملاءمةً للمتداولين المحترفين الذين يمتلكون معرفة مسبقة بالسوق، إذ تقدم ميزات متقدمة مصممة لمن يهتمون بسوق العملات الرقمية.

ورغم أن المراقبة اليدوية تبقى مفيدة في كثير من الحالات، إلا أن السماح للخوارزميات وتقنيات التعلم الآلي بتولي زمام المبادرة في التداول أصبح يشكل ميزة واعدة للمستثمرين. فمن خلال تقليل الأخطاء البشرية والقرارات العاطفية، يسمح التداول المؤتمت بنتائج أكثر استقرارًا وإيجابية، مما يجعله أداة قيّمة ولا غنى عنها في عالم العملات الرقمية المحفوف بالمخاطر.