ترامب قال كلمته بوضوح: لا يريد ميليشيات في العراق، لكنه أعطى العراقيين مهلة للتنفيذ قبل أن يتدخل بنفسه

Trump and the dissolution of Iraqi militias

موقف ترامب الحازم تجاه الميليشيات في العراق، وخطته لتفكيك الحشد الشعبي، وسط ضغوط أمريكية ورفض إيراني، مع تحليل الخيارات الصعبة أمام الحكومة العراقية لتفادي سيناريوهات خطيرة تهدد استقرار البلاد

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

هنا نحكي لك القصة وخطة ترامب لتنظيف العراق، وتخبط العراقيين في التعامل مع الموقف. بالنسبة للأمريكيين، الموضوع محسوم؛ فقد قالوا للعراقيين ما يجب عليهم فعله، وحددوا أولى الخطوات، التي اختصوها أو جعلوها متعلقة بالحشد الشعبي، أو بتوصيف أدق، الميليشيات الشيعية المرتبطة بإيران، وهذه أغلبها تنضوي تحت ما يسمى “قوات الحشد الشعبي”.


خطة أمريكية لتفكيك الحشد الشعبي

الأمريكيون قالوا كلمتهم، وتركوا للعراقيين والحكومة العراقية خيار التنفيذ. وبما أن محمد شياع السوداني، رئيس وزراء العراق، تحدث مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هاتفيًا، فهو يعلم جيدًا أن الطلب الأمريكي جدي، وأن على حكومة بغداد العمل على تنفيذه. بالفعل، اتخذ السوداني بعض الإجراءات على أمل تلبية الطلب الأمريكي الملح.

لكن، قبل أن نحدثكم عن إجراءات السوداني وبقية التفاصيل، دعونا نذكر من هي الميليشيات المستهدفة بالطلب الأمريكي، والتي على رأسها “كتائب حزب الله العراقي”. وهذه حركة إيرانية أكثر من كونها عراقية، لكنها محسوبة على العراقيين لكون مقاتليها من العراق. ومثلها كتائب “سيد الشهداء” وأيضًا “حركة النجباء”.

وهذه الفصائل سبق لها أن سعت للدخول على خط الحرب الإيرانية الغربية في المنطقة، ووجهت ضربات لقواعد أمريكية في سوريا قُتل خلالها ثلاثة جنود أمريكيين. كما هددت بالدخول في الحرب مع إسرائيل، لكنها اكتفت بالتهديد، كما تفعل إيران عادة، دون أي خطوة عملية. وكان هذا التهديد كافيًا للإسرائيليين لمطالبة الأمريكيين بحل ما يرونه مشكلة في العراق قبل أن يتدخلوا هم.

وسبق لإسرائيل أن هددت العراقيين بقصف شخصيات وميليشيات عراقية. وتقدمت بغداد يومها بطلب لواشنطن لمنع إسرائيل من فعل هذا الأمر. وبالفعل، منع الأمريكيون الإسرائيليين من التدخل مقابل أن يتعاملوا هم مع الملف.

كما أن الأمريكيين، بدورهم، طلبوا من السوداني إيجاد حل يُنقذ العراق من مصير مشابه لما جرى في لبنان ويجري في اليمن. لذا، سارع السوداني فورًا للاجتماع مع الميليشيات أو من يمثلها، وكذلك مع طهران، لإيجاد حل يُرضي الأمريكيين. لكن طهران صعّبت المهمة على السوداني برفضها الحل النهائي للميليشيات، فهي ذراعها العسكرية الوحيدة المتبقية تقريبًا، بعد خروج لبنان وسوريا من خدمة المحور، وبعض الضربات التي طالت جماعة الحوثي.

خطة أمريكية لتفكيك الحشد الشعبي

ما يهم إيران هو مصلحتها، بالإبقاء على أوراق ضغط تفاوض بها العالم، حتى لو كان ذلك على حساب العراق. لكن رئيس وزراء العراق يدرك أنه لا يمكن تجاهل الطلب الأمريكي، خاصةً وترامب في البيت الأبيض.

قانون التقاعد الإجباري لقادة الحشد

لذلك، بدأت الحكومة العراقية بطرح قوانين من شأنها تقليم أظافر الحشد، ومحاولة فصله تدريجيًا عن طهران، بما يحقق الغاية الأمريكية دون استفزاز إيران بشكل مباشر. من بين هذه القوانين، قانون تحديد سن التقاعد لهيئة الحشد الشعبي، والذي تضمن عدة بنود، كان على رأسها فرض سن تقاعد إلزامي عند الستين عامًا لقادة الحشد.

هذا من شأنه أن يؤدي إلى استبعاد عدد كبير من قادة الحشد الشعبي المخضرمين، وبالتحديد رئيس الهيئة فالح الفياض، المقرب من طهران. تجدر الإشارة إلى أن فالح الفياض موضوع على لائحة العقوبات الأمريكية منذ عام 2021، ما يعني أن السوداني يريد الإطاحة برأس الحشد الشعبي ومعظم قادته. لكن هذا القانون لم يمر كما كان متوقعًا. فما زال للحشد وميليشياته السلطة والقوة والنفوذ داخل البرلمان والحكومة والطبقات السياسية في العراق، بحكم كونهم الطرف المسلح.

إلا أن هذه لن تكون محاولة السوداني الأخيرة، فهو مدعوم أمريكيًا للتحرك. بل إن ترامب أرسل رسالة حاسمة، يلوّح فيها بالحرب إن لم يتغير السلوك. وجاء الطلب الأمريكي واضحًا، وفقًا لتصريحات السفير الإيراني في العراق، محمد كاظم الصادق، والذي قال إن الولايات المتحدة طلبت حل قوات الحشد الشعبي والفصائل المسلحة الأخرى المدعومة من إيران. لكن وفقًا لتصريحات السفير، فإن هذا الطلب قوبل بالرفض من قبل المسؤولين الإيرانيين والعراقيين، مؤكدين على أهمية الحشد الشعبي في البنية الأمنية العراقية.

قانون التقاعد الإجباري لقادة الحشد

“قد يهمك: سيارة الـفولكس فاغن التي دمرت لبنان وقتلت ربع مليون من شعبه


فرصة العراق الأخيرة لتجنب الانهيار

في حال عجز أحد عن حل الحشد أو إعادة تشكيله بطريقة تبعده عن طهران، فإن الأمريكيين قد يطلقون يد إسرائيل للتصرف. وتل أبيب لديها خطتها، تمامًا كما تفعل في اليمن ولبنان وسوريا، أي تنفيذ ضربات جوية جراحية تستهدف مصالح الحشد وبنيته التحتية وقادته الكبار، بل وحتى الصف الثاني من هؤلاء القادة.

صحيح أن هذا الحل قد يُريح الحكومة العراقية، لأنه سيضعف ميليشيات الحشد ويجعل من السهل السيطرة عليها، لكنه قد يُدخل العراق في حرب لا قِبل له بها. فالميليشيات التي ستُستهدف من قبل إسرائيل قد ترد على القواعد الأمريكية في العراق أو سوريا، مما سيدفع الأمريكيين للتدخل. وهذا يعني ضربات إسرائيلية – أمريكية مشتركة قد تُدخل العراق في فوضى، وتُجهض أي خطة نحو الاستقرار والنمو، في بلد يعاني أساسًا من أزمات سياسية واقتصادية ومجتمعية.

لذا، ما زال العراق يمتلك فرصة ذهبية قبل أن ينزلق إلى الأسوأ. فالأمريكيون سينشغلون باليمن لفترة، لكنهم بالتأكيد لن ينسوا العراق. ومعهم الإسرائيليون الذين وجدوا في السابع من أكتوبر فرصة تاريخية لإعادة تشكيل خارطة المنطقة، والحد من نفوذ إيران (Iran).

“قد يهمك: كيف تخطط أوروبا لحماية نفسها دون أمريكا


هل ينقذ العراقيون وطنهم من الوصاية الإيرانية؟

على هذا، يصبح أمام العراقيين خيارات كلها مُرّة: إما أن يتولوا هم تنظيف بلادهم من النفوذ الإيراني، أو يأتي الغريب ليفعلها. وهذا الغريب، لو جاء، فلن يُفرّق بين عراقي موالي لإيران وآخر محب لوطنه. لذلك، ما زال الوقت يسمح، وما زالت الفرصة قائمة، حتى وإن كانت المهمة صعبة. وهذا ما تنادي به أصوات عراقية كثيرة بدأت تتلمس الخطر، وتتحسسه مع جدية ترامب في التعامل مع إيران وتوابعها في المنطقة. ولعل الدرس اليمني سيكون حاضرًا على الهواء مباشرة كتحذير للبقية.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد