الأكريلاميد.. المكون الأول الأكثر ضررًا في العالم
Acrylamide: The World's Most Harmful Ingredient
تعرف على خطر الأكريلاميد، المادة السامة والمسببة للسرطان الناتجة عن طهي الأطعمة المعالجة، وكيفية تقليل تأثيرها بطرق طبيعية وآمنة، تعرف على التفاصيل

المكون الأخطر على الإطلاق في العالم كله ليس ما تظنه، هذا المكون أخطر من شراب الذرة عالي الفركتوز، وأخطر من السكر، وأيضًا أخطر من النشويات، بل أخطر من الزيوت النباتية المستخلصة من البذور. هذا المكون هو الأكريلاميد.
قائمة المحتويات
الأكريلاميد هو المكون الأول الأكثر ضررًا في العالم
بناءً على دراسات أُجريت على الفئران والجرذان، يُعتبر هذا المكون من الفئة (A) من المواد المسرطنة، مما يعني أنه مادة يُحتمل أن تكون مسببة للسرطان عند البشر، والمادة المسرطنة هي أي شيء يمكن أن يُسبب السرطان. هذا المكون يُعتبر مادة سامة جداً للجهاز العصبي، ليس فقط للأعصاب، بل للدماغ أيضاً. كما أنه يُؤثر سلباً على الأعضاء التناسلية، وهذا تم تأكيده من قِبل عدة جمعيات دولية معنية بالسرطان، حتى وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA) تصنّف هذا المكون كمادة مسرطنة.
الأمر المثير للاهتمام هو أنك لن تجد هذا المكون مدرجاً على ملصقات المكونات. لماذا؟ لأنه ليس مكوناً بحد ذاته. بل هو ناتج ثانوي يتكوّن من مكونات أخرى بعد معالجتها بكل تلك المواد الرديئة، ويتكون بشكل خاص عند إضافة الحرارة. ما هو هذا المركب الكيميائي الناتج؟ إنه يُدعى الأكريلاميد (Acrylamide).
يتكوّن الأكريلاميد عندما يتم دمج نوع معين من البروتين مع السكر تحت حرارة عالية. الجزء الأول من هذه المقالة سيكون مبسطاً قدر الإمكان، وسأتطرق لاحقاً في المقالة إلى بعض الجوانب التقنية بشكل أعمق. سأعطيك لاحقاً بعض الأخبار الجيدة حول الترياق أو كيفية تحييد هذا المركب الكيميائي، الأكريلاميد.
40% من أطعمتنا تحتوي على الأكريلاميد
لن يحدث هذا التفاعل الكيميائي مع السكريات الطبيعية مثل قصب السكر أو حتى العسل. بل يجب أن تكون من السكريات المكررة، مثل الجلوكوز أو الدكستروز، والتي تُعد سكريات صناعية، أو شراب الجلوكوز، أو حتى المالتوديكسترين، وهو نوع من النشا. نظراً لكون هذه المواد شديدة المعالجة، فإنها تتحول إلى سكر بسرعة كبيرة، ثم تتفاعل مع البروتين لتنتج الأكريلاميد.
نشا الطعام المعدّل، ونشا الذرة المعدّل، يدخلان في تركيب الكثير من الأطعمة التي نستهلكها حالياً. وتذكّر، عندما نقوم بتسخين شيء ما، عادةً ما نسخنه داخل شيء، أليس كذلك؟ مثل الزيت، فعندما تكون في مطعم وجبات سريعة ويقومون بإعداد البطاطس المقلية، لن يتم قليها من دون زيت.
بالإضافة إلى كل التأثيرات السلبية الناتجة عن الزيوت النباتية والسكر والنشويات، والتي تسبب التهابات كثيرة في الجسم وتلفاً في الأعضاء، لدينا أيضاً مشكلة الأكريلاميد، الذي يُعد من أخطر هذه العوامل كلها، وهو يزيد من خطر الإصابة بمرض السرطان.
الدهون المشبعة تحمي ضد تكوّن هذا المركب الكيميائي
الشيء المثير للاهتمام فعلاً هو أنك إذا استخدمت دهوناً مشبعة بدلاً من الزيوت النباتية في قلي البطاطس مثلاً، فلن يتكوّن هذا المركب الثانوي المسمى بالأكريلاميد. قبل تسعينيات القرن الماضي، عندما كانت سلسلة ماكدونالدز تقلي البطاطس في دهن البقر (يسمى تايلور أو tallow)، لم يكن يتكوّن الأكريلاميد. رغم وجود البروتين والنشويات، إلا أن وجود الدهون المشبعة حال دون تكوّن الأكريلاميد.
دعنا نفترض، كمثال، أن جميع هذه الأطعمة الرديئة صُنعت باستخدام دهن البقر بدلاً من الزيوت النباتية. ماذا ستكون النتيجة؟ هذا سيقلل من خطر الإصابة بالسرطان بشكل عام، أو لو ذهبت إلى مطعم لا يستخدم إلا دهن البقر أو حتى زيت جوز الهند في القلي، فستلاحظ انخفاضاً في السُميّة. هل سيكون الطعام آمناً تماماً؟ لن أذهب إلى هذا الحد، لكن بالتأكيد سيكون أقل سُميّة بكثير.
“قد يهمك: فوائد المشي المذهلة“
ما هي الأطعمة التي تحتوي على الأكريلاميد؟
رقائق الذرة، رقائق البطاطس، البطاطس المقلية، المخبوزات، البسكويت المملح، الكوكيز، حبوب الإفطار، القشرة الخارجية للخبز، وحتى القهوة المحمصة — لكن لا تفزع، لأني أعلم أنك ربما تتناول القهوة مثلي، وهناك طريقة بسيطة جداً لتقليل الأكريلاميد في القهوة. فقط تمهل، سأصل إلى ذلك قريباً.
“تعرف على: أخطاء شائعة تدمر صحتك“
الأكريلاميد: كيفية التخلص منه في النظام الغذائي
الآن بعد أن أصبحت تعرف عن الأكريلاميد وتعرف كيف يتكوّن، دعنا نتحدث عن كيفية التخلص منه في النظام الغذائي، أو حتى لو حصل وأن استهلكت شيئاً يحتوي عليه، كيف يمكنك مقاومة أو تحييد الأكريلاميد؟
- الطريقة الأولى:ذكرت سابقاً إحدى الطرق، وهي استخدام دهن البقر (تايلو)، أو زيت جوز الهند، أو الزبدة، لأن هذه الدهون أكثر استقراراً. و
- الطريقة الثانية: أشرت أيضاً إلى أنه إذا استخدمت سكراً طبيعياً، مثل سكر القصب أو حتى العسل، فلن يتكوّن هذا التفاعل الذي ينتج الأكريلاميد.
إذا كان لديك الخيار بين خبز أو طهي شيء ما، فدائماً استخدم السكريات الطبيعية. أنا لا أقول إنني أوصي باستخدام السكر بشكل عام، ولكن ما أقوله هو: إذا أردنا تقليل خطر الإصابة بالأكريلاميد المسرطن، فعلينا استخدام السكريات الطبيعية. ارفض استهلاك أي سكر مكرر. أتحدث هنا عن شراب الذرة عالي الفركتوز، والدكستروز، وكل هذه السكريات المعالجة بشدة.
- الطريقة الثالثة: عندما تطهو في المنزل، أو إذا كنت تطهو باستخدام حرارة منخفضة ولفترة طويلة، فإنك تقلل من حدوث هذا التفاعل الكيميائي.
- النصيحة الرابعة هي التركيز على الأطعمة الكاملة أكثر من الأطعمة المصنعة، لأن الأطعمة المصنعة هي ما يسبب لنا المشاكل والموت البطيء.
- نصيحة أخرى: حاول أن “تقرن” الطعام الذي تتناوله مع شيء آخر يحيد تأثيره. مرة أخرى، أنا لا أوصي بتناول الوجبات السريعة، ولكن إن حصل وأكلت طعاماً غير صحي، فقم بدمجه مع شيء يساعد على مقاومة أثر الأكريلاميد.
ما الذي يمكن تناوله إلى جانب هذا النوع من الطعام؟ أي نوع من الخضروات الصليبية (الكرنبية)، مثل: الكرنب المجعد (الكايل)، البروكلي، براعم بروكسل، الجرجير، والملفوف، هذه الأنواع تحتوي على مركبات وقائية ضد الأكريلاميد. الثوم أيضاً يوفر الحماية. البرعمات (كالبرعمات الخضراء، مثل برعمات البروكلي) لديها خصائص واقية كذلك.
الأطعمة الغنية بفيتامين C مثل: مخلل الملفوف (ساوركراوت)، الحمضيات كـ الليمون واللايم، والفلفل الحلو كلها تساعد على الحماية من الأكريلاميد. الشاي الأخضر أيضاً وسيلة فعالة للحماية. السبيرولينا يمكنها أيضاً القيام بدور الحماية.
“اطلع على: أهم خمس نصائح صحية للدكتور بيرج على الاطلاق“
التخلص من الأكريلاميد في القهوة
دعونا الآن نتحدث عن القهوة للحظة، لأنه من المهم أن نعرف كيف يمكننا تقليل الأكريلاميد في القهوة كونها تُحمّص. يمكنك شرب القهوة العضوية، المحمصة تحميصاً داكناً أو قهوة الإسبريسو. تُحمّص هذه الأنواع على حرارة تصل إلى 400 درجة فهرنهايت (204 درجة مئوية)، وعند الوصول إلى هذه الدرجات العالية، يصبح الأكريلاميد غير مستقر ويتلاشى. عند تحميص القهوة بدرجة خفيفة (light roast)، تحتوي على أكريلاميد أكثر بـ 10 مرات مقارنة بالتحميص الداكن.
“اطلع على: خطر الحديد الزائد في الجسم”
كيف يتكون الأكريلاميد؟
الآن، دعوني أدخل في الجانب التقني قليلاً وأشرح ما الذي يحدث تحديداً في هذا التفاعل الكيميائي. هذا التفاعل يُعرف باسم تفاعل ميلارد (Maillard Reaction). فيما يتعلق بالبروتين، هناك حمض أميني محدد جداً يُدعى الأسباراجين (Asparagine). يوجد هذا الحمض في الذرة، وفي القمح، وفي الأرز، وفي فول الصويا. وفي الأطعمة المكررة، لا يوجد أي حماية منه.
عندما نأخذ هذا الحمض الأميني “الأسباراجين” ونمزجه مع نوع معين جداً من السكريات المكررة، مثل شراب الذرة عالي الفركتوز أو الفركتوز، وكل هذه أنواع من السكريات المكررة، ثم نعرضها للحرارة فوق 285 درجة فهرنهايت (120 درجة مئوية)، يحدث تفاعل كيميائي يُعرف باسم تفاعل ميلارد (Maillard Reaction)، وينتج عنه مركب ثانوي يُدعى الأكريلاميد (Acrylamide).
لكن الأكريلاميد لا يقف عند هذا الحد، بل يتحول إلى مركب آخر ثانوي يُدعى جليسيناميد (Glycinamide)، وهذا الجليسيناميد أشد فتكاً من الأكريلاميد نفسه. هذا هو المركب الذي يُعتقد أنه يسبب السرطان فعلياً.
الأمر يزداد تعقيداً لأن المسألة لا تتعلق فقط بقراءة ملصقات المكونات، بل تتعلق بفهم أن هناك أشياء قاتلة تتكون فقط نتيجة المعالجة الصناعية للطعام. عندما تنظر إلى السعرات الحرارية القادمة من الأطعمة المعالجة بشدة (ultraprocessed foods)، تسأل نفسك: إلى أي مدى يمكن أن يكون الطعام “ميتاً”؟ أنت لا تحصل فقط على طعام منخفض القيمة، بل أيضاً على مركبات إضافية ضارة تسبب آثاراً سلبية كثيرة.
وعندما تنظر إلى النظام الغذائي للمراهقين، تجد أن 67% من السعرات الحرارية تأتي من الأطعمة المعالجة بشدة. أما البالغون، فـ أكثر من 50% من السعرات الحرارية تأتي من هذه الأطعمة. والأطفال الصغار (الرضّع فوق عمر الفطام)، يحصلون على 46 إلى 47% من سعراتهم من نفس النوع من الأطعمة.
السبب الثاني الأكثر شيوعاً للوفاة في العالم هو السرطان. وأعلم من تجربتي الشخصية أن الناس من حولي يموتون بالسرطان باستمرار، خاصةً كلما تقدموا في السن. وتسأل نفسك: ما الذي يسبب السرطان؟ هذا أحد أسبابه.
أعتقد أن الناس يعرفون عن التدخين والكحول كعوامل خطر، لكن هناك شيء آخر بالغ الخطورة يسبب السرطان لدى البشر، وهو الأكريلاميد.
آمل أنني قدمت لك معلومات كافية لتكون على دراية بهذا الموضوع وتحاول تجنب الأكريلاميد قدر الإمكان. وإذا صادف أنك تناولت طعاماً يحتوي عليه، فلديك الآن معلومات عن “الترياق” أو الوسائل الطبيعية لمواجهته وتقليل ضرره.