طفلي يكذب ولا يقول الصدق؛ تعريف الكذب وأهم أنواعه وكيفية الوقاية منه

طفلي يكذب؛ تربية الأبناء بالفعل متعبة للأب والأم خصوصًا في هذه الأيام، ومع ذلك فمن خلال التفهم الصحيح لمرحلة الطفولة وما يحدث فيها للطفل من تغيرات ومراحل نمو مع الدعاء بالصلاح مع الصبر والذكاء في التربية، فسوف يكون موضوع التربية بإذن الله تعالى سهل.

في هذه المقالة سوف نتعرف على أحد مشاكل التربية التي يشتكي منها العديد والعديد من الأمهات، وهي طفلي يكذب ولا يقول الصدق؛ حيث سنتعرف على تعريف الكذب وأهم أنواعه، مع التعرف على كيفية علاج هذه المشكلة لدى طفلك، وكيفية الوقاية منه.

طفلي يكذب هل هذه مشكلة تحتاج العلاج أم ماذا؟

الكذب عند الأطفال هو سلوك غير سوي (غير سليم) ينتج عنه العديد من المشكلات الاجتماعية، ويعتبر سلوك مُكتسب من جانب البيئة أي أن الطفل قد تعلمه ممن حوله. من الهام معرفة أن القدرة على تنميق الكلام والقدرة على الإقناع تُغريان من يملكهما بالكذب على نحو خفي.

قد ينظر الوالدين إلى كذب الطفل على أنه أمر بسيط وطارئ، وكثيرًا ما ينظر الآباء إلى السلوك بقلق شديد دون النظر إلى أسبابه ودوافعه خصوصًا عندما يكبر الطفل وتبدأ الشكوى طفلي يكذب؛ ذلك لأن الكذب بشكل مستمر يجعل منه وسيلة مقنعة وفعالة للطفل، تجلب المنافع له وتجنبه المتاعب. لكن من الهام معرفة أن الكذب لدى الصغار يختلف باختلاف غرضه ودوافعه وأنواعه وأساليبه.

“اقرأ كذلك: التعامل مع الطفل العنيد“

ماذا نعني بالكذب؟

عندما تردد: طفلي يكذب! هل تعرف ما هو الكذب أو ماذا تقصد به؟ الكذب هو ذكر شيء غير حقيقي مع معرفة أنه كذلك، بنية أو بغرض خداع الآخر؛ للحصول على مكاسب أو تجنب خسائر، ويتم اللجوء إلى الكذب بالرغم أن الصدق سمة أساسية للحياة، وهو ركيزة أولى لشعور الفرد بالمسئولية، سواء كانت مسؤولية دينية أو عملية أو اجتماعي.

الكذب هو سلوك وليس صفة فطرية نشأنا عليها بل هي صفة مكتسبة تتكون لدى الطفل عن طريق التعليم ممن حوله والتقليد لهم، فإن كثرة تكراره يسبب تعود النفس عليه، واستهانتها به، حتى يُصبح عادة ملازمة لها، ورغم مركزية الصدق في بناء شخصية الإنسان، إلا أننا نجد أن الكذب سلوك شائع في مرحلة الطفولة.

“اقرأ عن: مشكلة التبول اللاإرادي عند الأطفال“

ما هي أنواع الكذب عند الأطفال؟

هناك عدد من أنواع الكذب عند الأطفال تبعًا لأسبابه يجب على الأم معرفتها عند شكواها: طفلي يكذب، وأهم هذه الأنواع التالي:

الكذب الخيالي

هو شكل من أشكال زيادة القدرات الإبداعية عند الطفل، ومعيشته في عالم الصور والأحلام، وهو يمارسه باعتباره لعبة، كالطفل الذي يحكي حكايات عجيبة أسطورية، ويصور نفسه باعتباره بطلًا لقصصه، ولا قلق من ذلك، حيث يُنمي الطلاقة اللغوية، والقدرة على التصوير، والاستخدام المجازي الاستعاري للغة، وفي نفس الوقت يجب على الوالدان إشعار الطفل بأن هذا عالم آخر مفارق للواقع ؛ لكي لا يندمج فيه بالشكل الذي يُخرجه عن الواقع ويُعطله عن التعلم وتطويرات مهاراته.

الكذب الالتباسي

نوع بريء سببه عدم تمكن الطفل من التمييز بين ما يراه حقيقة وما يدركه واضحًا في مخيلته، إذ يسمع الطفل حكاية خرافية أو قصة واقعية، وسرعان ما نسمعه في اليوم التالي بعد أن تعايشها مشاعره ويتوحد بها؛ يتحدث عنها وكأنها وقعت له بالفعل، وقد يرى حلمًا فيتوهم أنه حقيقة.

يزول هذا النوع من أنواع الكذب عند الأطفال عادة من تلقاء نفسه مع نمو الطفل ونضجه وتوصله إلى إدراك الفرق بين الحقيقة والخيال، وينبغي على الوالدين مساعدة الطفل بروية وهدوء في التفريق بين الحقيقة والخيال.

الكذب الادعائي

يحدث ذلك حين يجعل الطفل من نفسه محط إعجاب الآخرين بالحديث عما يملك أو ما جرى له، ويكون ذلك كله محض خيال لا حقيقة له، وينشأ عادة هذا النوع من الكذب من شعور الطفل بنقصه، حيث أن تعظيم الذات محاولة للتعويض عن الشعور بالدونية؛ نتيجة وجود الطفل في بيئة أعلى من مستواه، أو تمنيه للأفضل أمام زملائه.

الكذب الغرضي أو الأناني

يحدث هذا النوع لتحقيق رغبة شخصية، كأن يطلب الطفل من أبيه مالًا لأمه بينما يُريده لنفسه، وقد يكون سبب ذلك فقدان ثقة الطفل في بيئته المحيطة، فلو علم حرصهم على تحقيق رغباته لما افتعل هذا الأسلوب للحصول عليها.

“اقرأ أيضًا: هل الزنك يزيد هرمون التستوستيرون“

الكذب الانتقامي

يكذب فيه الطفل ليتهم طفلًا آخر حتى نعاقبه أو ننتقم منه أو نسيء إلى سمعته؛ ودافع ذلك عادة الغيرة أو الإحساس بالتمايز بينه وبين الآخر.

الكذب الدفاعي

هذا النوع يظهر نتيجة محاولة الطفل أن يُنقذ نفسه من الوقوع في عقوبة؛ إما بسبب المعاملة المتجاوزة للحد في العقوبة من الوالدين تجاهه إزاء بعض الأخطاء السابقة، فيلجأ الطفل إلى الكذب لحماية النفس من السلطة الجائرة، ويظهر هذا السبب بكثرة في الأسر التي تستخدم العقاب كثيرًا في تعاملها مع أبنائها، ويتحول فيها الأب من شخص متفهم لمشكلات طفله إلى محقق بوليسي، فيلجأ الطفل إلى الكذب ليدفع عن نفسه التهمة، حتى لو ألصقها بالآخرين

كما قد يلجأ الطفل لهذا النوع من الكذب لكي لا يخسر امتياز خاص لأن الصدق يُفقده إياه، أو بهدف حماية الأخ والصديق من العقوبة، وقد يسمى هنا “كذب الإخلاص والوفاء” وقد يكون نوعًا من الولاء للجماعة “كذب الأطفال في الصف على المدرس لحماية بعض أصدقائهم”.

“اطلع على: الغضب عند الأطفال“

أربع خطوات بسيطة لوقاية أطفالنا من الكذب

بعد التعرف على أهم أنواع الكذب عند الأطفال التي يجب على الوالدين معرفتها عند الشكوى: طفلي يكذب، نأتي هنا إلى ذكر 4 خطوات بسيطة في التالي لوقاية أطفالنا من الكذب:

• تجنب دور المحقق حين تسأل أبناءك عن سلوك ما؛ لأنهم حين يضطرون للاعتراف بالخطأ سيغيرونه قدر الإمكان، وحاول جمع الحقائق من أطراف أخرى، ثم واجهه بها بتفهم ومحبة وتقدير له، وثناء عليه
• ابدأ بنفسك أولًا، أي التزم بمعايير الصدق التي تضعها لطفلك، واجعل سلوكك متوافقًا مع ما تُطالب أطفالك به.
• تنمية القيم الدينية لديهم، أي تحدث كثيرًا مع أسرتك عن الأخلاق، واذكر قصص من سيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وصفاته الصادق الأمين، وزود حصيلة طفلك المعرفية بقصص الصحابة والصالحين المميزة.
• تجنب استخدام العقاب الشديد المتكرر الذي يضطر الطفل معه إلى الكذب لينجو منه؛ لأنه ليس هناك عمل يستحق أن تُحول ابنك إلى كذاب من أجله.

“قد يهمك: العقاب الصحي للأطفال“

خطوات قبل علاج مشكلة الكذب عند الأطفال

تشمل هذه الخطوات التالي:

• في البداية يجب علينا تحديد السلوك المراد تغييره وعلاجه؛ لأن محاولة حل مشكلات كثيرة في الوقت نفسه يمكن أن يقود إلى الفشل.
• اعلم أن دورك رئيسي وفعال في محاولة العلاج (treatment)؛ لذا يجب أن لا تغفل عنه، وأن لا تدعه (أي علاج الكذب) للزمن أو لتدخل آخرين.
• بعد تحديد المشكلة “الكذب”: حدد دوافعه وأسبابه، واهتم بمعالجتها هي أولًا، وتبين حالة الكذب ونوعه ودرجة تكراره ودوافعه.

“اطلع على: طفل ما قبل المدرسة“

8 خطوات تساعدك لعلاج مشكلة الكذب لدى الأطفال

في التالي نذكر أهم الخطوات التي تساعد في علاج مشكلة الكذب لدى الأطفال نوجهها لكل أب وأم يشتكون أن طفلي يكذب:

• قدم لطفلك المزيد من الثناء والتقدير ليزيد تقديره لذاته، فلا يضطر إلى أن يكذب لكي يحصل على تقدير الذات، وكن أقل قسوة، وحدد جزاء معقولًا للكذب، واجعل الصدق أكثر إثابة ومكافأة.
• تدرج في ما تُكلف الطفل به من مسؤوليات، وعليك أن لا تتوقع الكثير من الطفل في وقت قليل، بالتالي ساعد الطفل في استكشاف طرق أخرى للحصول على الأشياء المرغوبة في حال خوفه من الفشل.
• ركز على الأساليب الإيجابية التي تهدف إلى زيادة السلوك المقبول، وذلك باستخدام الثناء والمكافآت، فعن طريق تقوية السلوك الصحيح (وهو الصدق) يقل احتمال ظهور السلوك الخاطئ (وهو الكذب).
• اتبع أسلوب التفاهم والمحبة في النقاش لا السلطة المعاقبة.
• قم بعدد من الرحلات والأنشطة ودع الأطفال يصفونها بحيث يتسنى لهم رؤية الحقائق والحديث عنها، مما يُكسبهم الدقة في وصف أنشطة الحياة.
• شجع من له قدرة خيالية واسعة على قراءة الشعر والقصة ومحاولة التأليف الإبداعي.
• حاول إجراء بعض التجارب أمام الأطفال ووصفها بدقة ليتعزز لديهم الدقة في الإدراك والتعبير.
• احكي لهم قصص عن الكذب وضرره، وذلك مثل قصة عن الكذب للأطفال.

بالإضافة لما سبق، استخدم الجزاءات، أي وضح للطفل أنك تعرف أنه لم يقل الحقيقة في كل مرة يصدر منه ذلك، لأن نجاح طفلك في الكذب وعدم كشفك له، يُشعره بلذة وسرور يعززان عودته إليه ثانية. ثم علم أطفالك أن كذبهم لن ينجح، وأنه لن يحقق لهم مصالحهم، ولن يخفض العقوبة عنهم، وكرر عليهم أنهم لو قالوا الصدق فستعمل كل ما في استطاعتك لمساعدتهم والتخفيف عنهم، وأشعرهم أنك في صفهم، وينبغي أن تكون صادقًا في ذلك، وإلا كان لسلوكك هذا نتيجة سلبية.

لذا اختر مهامك تجاه طفلك بحكمة، وحدد ما هو مهم حقًا ويستحق علاج سريع مقابل النظر إلى ما هو طبيعي، ويعتمد ذلك غالبًا على عمر طفلك.

في هذه المقالة تحدثنا عن كيفية علاج شكوى هامة يشتكي منها العديد من الآباء والأمهات، وهي شكوى طفلي يكذب، وذلك من خلال التعرف على ما هو الكذب؟ وما هي أنواعه، مع التعرف على خطوات الوقاية من الكذب، وأهم خطوات هامة لعلاجه، وفي النهاية يجب على الوالدين الصبر في تربية الأبناء وكثرة دعاء الله تعالى لهم بالصلاح والهداية والتوفيق.