برأيك هل اكتئاب بعد الولادة سبباً كافياً لتولد ميول انتحارية؟
Postpartum depression
اكتئاب بعد الولادة؛ ما هو اكتئاب ما بعد الولادة؟ وما هي أسباب الإصابة به؟ وكيف يمكن للطبيب تشخيص هذه الحالة النفسية؟ وما هو علاج هذا النوع من الاكتئاب؟
اكتئاب بعد الولادة (postpartum depression)؛ يسلب الأم فرحتها، ويحرم الطفل الرضيع حنان أمه، واهتمامها به، إذ إن استقبال طفل جديد يكون مصحوبا بعاطفة جياشة تتراوح بين السعادة، والضحك، وبين الخوف، والقلق. من الممكن أيضا أن تتطور تلك المشاعر إلى شيء غير متوقع، وهو الاكتئاب. من الممكن أن يكون تدهور الوعي، وعدم وجود الثقافة الكافية حول مثل تلك الموضوعات، أو عدم اعتراف بعض المجتمعات بأن للمرأة الحق في التعبير عما تشعر به من اضطرابات نفسية أو جسدية، سببا قويا في أن يتطور الأمر لتولد ميول انتحارية.
قائمة المحتويات
في هذا المقال، سنسلط الضوء على حالة الأم النفسية في فترة ما بعد الولادة. وأيضًا سنوضح قدرًا ليس بقليل من المعلومات المهمة حول ما يُعرف بــ «اكتئاب بعد الولادة»، وتوضيح هل اكتئاب ما بعد الولادة سبباً كافياً لتولد ميول انتحارية أم لا؟
ما معنى مصطلح «اكتئاب بعد الولادة»
اكتئاب ما بعد الولادة هو حالة نفسية ونوع من أنواع الاكتئاب يصيب المرأة الحامل بعد وضعها لطفلها، وخاصة إذا كانت هذه المرة الأولى في أن تصبح أماً، فهو مزيج غير مفهوم من التغيرات التي تصيب جسم المرأة سواء تغيرات نفسية، جنسية، عاطفية، جسدية، وأيضا سلوكية.
من الممكن أن يكون هذا التغير بسبب التغيرات الهرمونية التي تصيب الجسم أثناء عملية الولادة؛ لأنه يحدث انخفاض شديد في مستويات هرمونات الأستروجين، والبروجسترون بعد ثلاثة أيام من الولادة بعد أن ارتفعت بنسبة عشرة أضعاف أثناء فترة الحمل.
هذا النوع من الاكتئاب هو حالة غير شائعة تصيب حوالي 15 %من النساء فقط، وبسبب جهل الأشخاص المحيطون بأعراض هذه الحالة النفسية تجعلهم جاهلين عن معرفة التشخيص الصحيح للحالة، والتعامل معها بطريقة سليمة، وأيضا تواجه الحالة صعوبة في التعبير عن مشاعرها، وتخجل عن التعبير عنها، والتي يمكن أن تتطور إلى تولد ميول انتحارية مما يجعل الأمر يصبح أكثر تعقيدا.
أعراض اكتئاب ما بعد الولادة يمكن التحكم فيها
تشمل أعراض اكتئاب ما بعد الولادة التي يمكن التحكم فيها واحتوائها من قبل أفراد الأسرة التالي:
- تواجه الأم مشكلة في النوم.
- تفقد رغبتها في تناول الطعام، وهناك بعض الحالات التي تفرط في تناول الطعام، ومن هذا المقال يمكن الاطلاع على أضرار الإفراط في تناول الطعام.
- الإرهاق الشديد.
- عدم الاهتمام بالطفل أو الشعور بالنفور منه.
- رغبة شديدة في البكاء المستمر.
- عدم الثقة في النفس.
- نمو مشاعر انتحارية.
- فقدان القدرة على اتخاذ القرار الصحيح.
“قد يهمك: ما هو الشغف“
أعراض اكتئاب بعد الولادة لا بد من تدخل طبي واستشارة طبيب نفسي
تشمل هذه الأعراض التالي:
- إذا تطور لدى الأم رغبة في أن تؤذي نفسها أو طفلها.
- إذا ظهر على الأم رغبات انتحارية، وتكررت محاولتها لقتل نفسها أو طفلها.
- الإحساس بالاكتئاب لفترات طويلة، إذا استمر لفترات زادت عن أسبوعين.
- خلل في التفكير أو القدرة على التركيز أو إمكانية اتخاذ القرارات أو كيفية التعامل مع المواقف الحياتية اليومية.
“قد يهمك: Nutrition for cancer patients“
أسباب اكتئاب ما بعد الولادة
تلك الحالة النفسية تظهر على الأم لأسباب عديدة، ومن هذه الأسباب ما يأتي:
- التغيرات الهرمونية:
تم إجراء العديد من الأبحاث العلمية التي أوضحت الارتباط بين الهبوط السريع في نسبة هرموني الإستروجين والبروجسترون بعد عملية الولادة بثلاثة أيام، وبين توضيح أسباب اكتئاب ما بعد الولادة. إذ إنه ترتفع نسبة الهرمونات الأنثوية أثناء فترة الحمل بحوالي عشرة أضعاف نسبتها في الفترة الطبيعية، وفي خلال ثلاثة أيام تقل بسرعة شديدة جدا.
كذلك، بعض الهرمونات التي يتم إفرازها بواسطة الغدة الدرقية تهبط بشكل حاد، فيتم ترك الجسم في حالة صعبة، حيث ترتفع حرارة الجسم بشكل ملحوظ، وتظهر علامات الإرهاق الشديد، وتسيطر على الجسم حالة من حالات الاكتئاب.
- أسباب جينية:
أوضحت الدراسات الحديثة أن من ضمن أسباب اكتئاب ما بعد الولادة الأسباب الجينية، حيث قد يكون حالة وراثية خاصة إذا كانت منتشرة بين نساء العائلة في هذه الأسرة، فإن الأم التي تنتمي لهذه الأسرة أكثر عرضة لأن تظهر عليها هذه الأعراض التي تم ذكرها.
- الحرمان من النوم:
عندما تكون محرومًا من النوم، ومرهقًا، فقد تواجه مشكلة في التعامل حتى مع المشكلات البسيطة.
- مشاكل عاطفية:
قد يتمكن منك الإحساس بالقلق بشأن الاهتمام، ورعاية الطفل الجديد. قد تشعرين أنك أقل جاذبية، أو يحدث تصارع مع إحساسك بهويتك، أو تشعرين أنك فقدت السيطرة على حياتك. هذه المشكلات من الممكن لها أن تكون سبباً قوياً في حالتك النفسية الصعبة، ويمكنك الاطلاع من هذا المقال على كيفية التخلص من الضغط النفسي والتوتر.
- أسباب أخرى:
تشمل أسباب اكتئاب ما بعد الولادة الأخرى:
- السن: إذا كانت المرأة سنها أقل من عشرين سنة؛ فإنها أكثر عرضة للإصابة بأعراض الاكتئاب ما بعد الولادة.
- انعدام الدعم الأسري: إذا تعرضت الأم للإهمال من زوجها، وعدم مساندته لها بشكل خاص، ومن الأم، والبيئة المحيطة بشكل عام.
- الصراع الأسري وعدم استقرار الأحوال الأسرية، وتدهور حالة الأم النفسية.
- ولادة الأم للطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو مصاباً بمرض، ويحتاج لرعاية خاصة.
- حدوث مضاعفات ما بعد الولادة أو أثناء الولادة خاصةً إذا كانت المرأة تعاني من مشاكل صحية، وعانت الألم أثناء الولادة أو حالة ولادة مبكرة.
“اطلع على: شركات صناعة الطائرات“
تشخيص اكتئاب ما بعد الولادة
فيما يخص جواب السؤال: كيف يتم تشخيص هذا النوع من الاكتئاب؟ لا يمكن الجزم بأن الأعراض التي تظهر على الأم هي أعراض هذا النوع من الاكتئاب؛ لأن الطبيعي أن تشعر الأم بالحزن والإرهاق عمومًا خلال الفترة الأولى بعد الولادة. كذلك، لا يوجد اختبار واضح يشخص تلك الحالة النفسية الصعبة التي تمر بها المرأة، فمقدم الرعاية الصحية الخاص بك هو من يقيم الحالة في زيارة لكي ما بعد الولادة.
يتم تحديد وقت التشخيص (تشخيص اكتئاب ما بعد الولادة) الذي يتراوح بين أسبوعين (أو ثلاثة أسابيع) بعد الولادة للكشف عن الاكتئاب، وهذا يضمن للمرأة الحصول على المساعدة التي تحتاجها خلال أسرع وقت ممكن، وقد تشمل هذه الزيارة:
- القيام بمناقشة تاريخك الصحي.
- كيف شعرت منذ الولادة.
- الفحص البدني.
- فحص الحوض، والاختبارات المعملية.
يفحص الطبيب حالتك، ويُشخص إذا كنت تعاني بالفعل من حالة الاكتئاب التي تصيب المرأة بعد ولادة الطفل، ويطرح عليك سلسلة من الأسئلة لتقييم حالتك بعد الولادة.، حيث يسألك عن شعورك، وكيف حال طفلك؛ لذا كوني منفتحة، وصادقة مع الطبيب للتأكد من حصولك على صورة دقيقة وحقيقة لمشاعرك وأفكارك.
بناء على إجاباتك على تلك الأسئلة، يمكن للطبيب المساعدة في تقييم حالتك بدقة، وبيان هل ما لديك هو أعراض اكتئاب ما بعد الولادة، أم مجرد مشاعر خوف وقلق طبيعية.
قد يطلب الدكتور الخاص بك اختبارات الدم، والاختبارات التشخيصية الأخرى، لاستبعاد أي أسباب جسدية أخرى للأعراض التي تشعر بها المرأة. تذكري أن الدكتور موجود لدعمك، والتأكد من أنك بصحة جيدة؛ لذا كوني صادقة معه.
“اقرأ كذلك: أفكار مواقع إلكترونية“
كيف يتم علاج اكتئاب ما بعد الولادة؟
علاج اكتئاب ما بعد الولادة يتم بشكل مختلف، وذلك اعتمادًا على نوع وشدة الأعراض الموجودة لدى المرأة. تشمل خيارات العلاج الآتي:
- تناول الأدوية المضادة للقلق، أو تناول مضادات الاكتئاب، وهذا جزء من كيف تتخلص من الاكتئاب.
- العلاج النفسي من أكثر الطرق فاعلية، ويمكن أن يتم بأكثر من طريقة:
عن طريق جلسات تتم بين الطبيب النفسي والمريض لمحاولة حل المشكلة وإخراج الأم من حالتها النفسية، أو المشاركة الجماعية الداعمة. - أيضًا قد يتم إدخالك إلى مركز علاج، وذلك لعدة أيام حتى تستقر حالتك.
- في حالة أنه لم تستجيبي لهذا العلاج، فقد يكون العلاج الفعال الآن هو بالصدمات الكهربائية (ECT).
- إذا كنت ترضعين من الثدي (أي الرضاعة الطبيعية، فهان الطبيب هو الذي يحدد الدواء المناسب لحالتك.
“تعرف على: فيروس كورونا“
ما الأدوية التي يمكن تناولها للسيطرة على تلك الحالة النفسية؟
الأدوية الطبية التي يصفها الطبيب هي مضادات الاكتئاب للتحكم في تطور تلك الحالة النفسية. مضادات الاكتئاب، تساعد في موازنة المواد الكيميائية في العقل التي تؤثر على مزاجك. إذا كنت ترضعين الطفل رضاعة طبيعية، فقومي بالتحدث إلى الطبيب الخاص بك حول مخاطر وفوائد تناولك مضادات الاكتئاب، وهل من الممكن أن تنتقل الأدوية لطفلك أثناء الرضاعة؟ أم لا؟.
يمكن للطبيب الخاص بك المساعدة في تحديد الدواء المناسب لك، وهذا بناءً على الأعراض التي تعاني منها، والمناسبة لكي، ولطفلك (أي على حسب درجة اكتئاب ما بعد الولادة). بعض مضادات الاكتئاب الشائعة التي يتم وصفها بواسطة الطبيب للمساعدة في علاج الأم من الاكتئاب هي:
- مثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، مثل: سيرترالين (زولوفت) وفلوكستين (بروزاك®).
- مثبطات امتصاص السيروتونين والنورابينفرين (SNRIs)، مثل: دولوكستين (Cymbalta®) و desvenlafaxine (Pristiq®).
- بوبروبيون (ويلبوترين® أو زيبان®).
- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (TCAs)، مثل: أميتريبتيلين (Elavil®) أو إيميبرامين (Tofranil®).
“اطلع على: الأبراكسيا اللفظية“
مضاعفات اكتئاب ما بعد الولادة إذا تُرك دون علاج
فيما يخص مضاعفات اكتئاب ما بعد الولادة إذا تم تركه بدون علاج، فإن حالة الأم النفسية ليست الوحيدة التي تسوء، وتصبح في خطر بل أيضاً يتأثر بها أسرتها الصغيرة من زوجها، وأطفالها، وأيضاً يسبب لها مشاكل عائلية. تشمل أهم 5 مضاعفات تصاحب هذا الاكتئاب التالي:
- المضاعفات التي تحدث للأم: يمكن أن يستمر معها هذا المرض لأشهر أو أكثر، وأحيانًا يتحول إلى اضطراب اكتئابي مستمر.
- قد تتوقف الأم عن الرضاعة الطبيعية، وتعاني من مشاكل في الترابط مع أطفالها، ورعايتهم، ويزداد خطر الانتحار.
- بالنسبة للزوج: يمكن أن يكون لاكتئاب بعد الولادة تأثير مضاعف عليه مما يتسبب في إجهاد عاطفي لكل شخص قريب من المولود الجديد.
- عندما تصاب الأم الجديدة بالاكتئاب، فإن احتمالية ضياع الفرحة بذلك المولود الجديد تتزايد، ويحل محلها الحزن، والضياع لكل أفراد الأسرة.
- الأطفال: أطفال الأمهات اللواتي يعانين من تلك الحالة النفسية الغير معالجة، هم أكثر عرضة للإصابة بمشكلات عاطفية وسلوكية:
مثل النوم، وصعوبات الأكل، والبكاء كثيرًا، والتأخير في تطور اللغة.
ما هي مدة اكتئاب ما بعد الولادة؟
بشكل عام، فإن مدة اكتئاب ما بعد الولادة لدى النساء (هذه الحالة النفسية الصعبة التي تصيب المرأة بعد ولادة الطفل)، تختلف من امرأة لأخرى، فلا يوجد دليل قاطع على ثبات تلك المدة؛ لأن هناك من تستمر لديهن الأعراض من 14 يوم إلى 12 شهرًا بعد الولادة، وهناك من تستمر معها تلك الأعراض لـ 6 أشهر بعد الولادة. قد تتفاجأ عزيزي القارئ إذا علمت أن بعض الأشخاص الذين لا يزالون يعانون من أعراض الاكتئاب لمدة 3 سنوات من الولادة.
“قد يهمك: شوربات صحية“
الولادة القيصرية واكتئاب بعد الولادة
هل الولادة القيصرية من الممكن أن تؤثر على حالة الأم النفسية، ويتطور الأمر إلى حالة اكتئاب؟ هناك الكثير من الدراسات عام 2019، أن مخاطر الإصابة باكتئاب ما بعد الولادة تحدث خاصةً في حالة الولادة القيصرية؛ لأن بعض النساء يشعرن بالذنب لأنهن يعتبرن الطريقة القيصرية للولادة هي فشل من جانب الأم في تحمل الألم، وهذا الشعور بالذنب هو سبب كبير في الإصابة بـ PPD (اكتئاب ما بعد الولادة).
في النهاية عزيزي القارئ، أتمنى أن أكون قد ساعدتك في معرفة بعض المعلومات المهمة عن اكتئاب بعد الولادة، وأن تكون الرحلة بين حروفي ممتعة ومفيدة وعلى قدر توقعاتك من هذا المقال. الآن برأيك هل اكتئاب ما بعد الولادة سبباً كافياً لتولد ميول انتحارية، وهل يمكن أن يتطور لنفور الأم من طفلها، ويكون سبباً كافياً لهدم الأسرة، وتدمير سعادتها؟