الاكتئاب؛ أعراضه وأسبابه وكيفية التعامل مع الشخص المكتئب

الاكتئاب (Depression)؛ قد تعترض حياة الإنسان بعض الأحداث الحزينة أو المشاكل القاسية، والتي قد تترك أثرًا سلبيًا على حياة الشخص، لتجعله يشعر بعدم الارتياح وفقدانه الشغف لتحقيق أي إنجاز يفتخر به ويعزز من رغبته في السعي والاستمرارية، إذا وصل الشخص إلى هذه الحالة، فهذا يعني للأسف أنه يعاني من الاكتئاب، ونحن من خلال هذا المقال بصدد التحدث عن هذا المرض النفسي الخطير، مع معرفة أهم أعراضه، وأسبابه، و 6 طرق فعالة وهامة للتعامل مع الشخص المكتئب.

ما هو الاكتئاب Depression؟

يُوصف الاكتئاب بأنه اضطراب مزاجي يمر به الشخص نتيجة تجربة سيئة اختبرها في حياته وأثرت عليه بشكلٍ حاد، مما ينتج عنه معاناة الشخص الدائمة مع المشاعر السلبية كإحساس الحزن، والفراغ، والضياع، والذي يكون مآله أحيانًا فقدان الرغبة في الحياة والإقدام على الانتحار.

يختلف الاكتئاب عن أي تقلبات في المزاج، والتي غالبًا ما نمر بها بين الحين والآخر، إذ أنه يستمر لفتراتٍ أطول ولا تزول أعراضه وما ينتج عنه من مشاعر حادة وسيئة حتى مع تحسن ظروف الشخص أو سير حياته بشكلٍ طبيعي، أيضًا يؤثر الاكتئاب على كل أنشطة وعادات الشخص مثل الرغبة في الأكل، و النوم، وتشوش الذاكرة.

“اقرأ أيضاً: اضطراب القلق العام“

أنواع الاكتئاب

توجد الكثير من أنواع الاكتئاب، وصنفت جمعية الطب النفسي الأمريكية هذه الأنواع على النحو التالي:

اضطراب الاكتئاب الشديد

يعد هذا النوع من أشد وأخطر الأنواع وأكثرهم شيوعًا، يتميز تشخيص هذا النوع بالشعور المستمر بالحزن وذلك لعدة أيام متصلة قد تستمر لمدة أسبوعين، أيضًا يشعر الشخص في هذه الحالة بعدم الجدوى أو اللاقيمة وفقدان الاهتمام أو الرغبة في ممارسة أي أنشطة كان يعتاد ممارستها، بالإضافة إلى وجود مشاكل واضطرابات في النوم مع تغير في الشهية.

اضطراب الاكتئاب المزمن

يعد من الأنواع الخفيفة أو المتوسطة في اضطراب المزاج مقارنة بالاكتئاب الشديد، يستمر قرابة العامين. قد يعاني الشخص المصاب بهذا النوع من الاضطراب من نوباتٍ شديدة من الاضطرابات المزاجية وأخرى أكثر اعتدالًا وأقل حدةً في الأعراض، يُطلق مقدمو الرعاية الصحية على هذا النوع اسم dysthymia أو ما يُعرف باضطراب عسر المزاج.

اضطراب تقلبات المزاج التخريبية

يصيب هذا الاضطراب عادةً الأطفال بدءًا من سن العاشرة، يسبب هذا النوع حدوث حالات هيجان مزمنة مع نوبات غضب شديدة للأطفال على فترات من اليوم أو تقريبًا كل يوم، يتصف الأطفال المصابون بهذا الاضطراب بالحدية والعنف، إلى جانب صعوبة التعامل معهم وتسببهم في إثارة المشاكل حيثما وُجدوا.

اضطراب ما قبل الحيض

تعاني منه النساء قبل موعد الدورة الشهرية، حيث تنتاب المرأة نوبات من اضطراب المزاج، والقلق، والتهيج الشديد، وقد تختلف حدة هذه الأعراض من سيدةٍ لأخرى، وربما تزول تمامًا بعد بدء الدورة الشهرية.

اكتئاب ما بعد الولادة

تُصاب النساء بعد إتمام الولادة بهذا النوع من الاكتئاب والذي يبدأ في الظهور خلال 4 أسابيع بعد الولادة، يُمكن لهذا النوع “اكتئاب ما بعد الولادة” أن يستمر لمدة شهور وسنوات، ويعد من الأنواع الشديدة التي تتطلب اللجوء للاستشارة الطبية.

الاكتئاب الموسمي

يمثل أحد أنواع الاكتئاب الشديد والذي ينشأ مع تغير فصول السنة ويطلق عليه الاضطراب العاطفي الموسمي، حيث يُصيب الأشخاص عادة في فصلي الشتاء والخريف وذلك بسبب قلة التعرض لضوء الشمس؛ ولذلك يختفي بقدوم الربيع والصيف.

“اقرأ أيضًا: تأثير الانفعال على الجسم“

أهم أعراض الاكتئاب

يُشخّص الطبيب حالة الشخص بأنه مريض اكتئاب إذا وجد أنه يعاني من 5 أو أكثر من هذه الأعراض الآتية:

• الشعور المستمر بالحزن، واليأس، والقلق الشديد.
• سرعة الغضب والانفعال.
• تغير الشهية إما بزيادة الرغبة في تناول الطعام أو فقدان الشهية كليًا مما يؤثر على وزن الجسم إما بالزيادة أو النقصان.
• اضطراب النوم، إما النوم لعدد ساعات كثيرة (فرط النوم) أو عدم القدرة على النوم (الأرق).
• الإحساس بالتعب وفقدان الطاقة.
• صعوبة التركيز، وعدم القدرة على اتخاذ قرارات مع مشاكل في الذاكرة.
• المعاناة من بعض الأعراض الجسدية كالصداع، وآلام المعدة، وخلل الأداء الجنسي.
• الميل لإيذاء النفس والرغبة في الانتحار “انتحار مريض الاكتئاب“.

“تعرف على: هرمون السعادة“

أسباب الاكتئاب عند النساء والرجال

لم يتمكن الباحثون من معرفة الأسباب الرئيسية المؤدية للإصابة بهذا المرض النفسي، ولكن توجد عدة عوامل قد تساهم في احتمالية الإصابة به. تشمل أهم أسباب الاكتئاب عند النساء والرجال التالي:

• كيمياء الدماغ: يساعد عدم توازن الناقلات العصبية مثل السيروتونين والدوبامين في حدوث اضطرابات مزاجية.
• عوامل الوراثة: في حال وجود تاريخ عائلي لأحد أقاربك من الدرجة الأولى كالأب أو الأخ قد أصيبوا به، فإن ذلك يزيد من فرصة إصابتك به.
• ضغوط ومتاعب الحياة: مثل وفاة شخص عزيز أو مرورك ببعض التجارب السيئة كالطلاق أو الوحدة.
• المعاناة مع المرض يأتي ضمن أسباب الاكتئاب عند النساء والرجال: مثل الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أحد أنواع مرض السكري أو أمراض القلب.
• تناول الأدوية: بعض الأدوية قد تؤدي إلى المعاناة من اضطرابات في المزاج.

“تعرف على: اضطراب القلق العام“

كيفية التعامل مع مريض الاكتئاب

قد تلاحظ على أحد الأشخاص القريبين منك كصديقك أو شريك حياتك أنه يعاني من أعراض الاكتئاب، هنا نتساءل كيف نتعامل مع الشخص في هذه الحالة، وما يجب علينا فعله في محاولة التخفيف عنه واحتوائه. إليك عدد من الطرق والأساليب التي تساعدك أن تدعم أي شخص يعاني مع الاكتئاب:

التحدث والاستماع

يحتاج الإنسان في أوقات ضعفه وحزنه من يشعر به ويجعله في بؤرة اهتمامه، وهذه من أهم طرق التعامل مع مريض الاكتئاب، بأن تكون إلى جانبه محاولًا التحدث إليه ودعمه، هذا بالإضافة إلى الاستماع إلى كل ما يقوله وكل ما يشعر به من ضيق أو إحساس باللاقيمة.

التشجيع على استشارة الطبيب المختص

يرى كثير من الناس أن الاكتئاب وغيره من الاضطرابات النفسية العقلية شيئًا مخجلًا للحديث عنه أو التعبير عن الاحتياج لاستشارة المتخصصين، وهنا يكون دورك. عليك بدعم وتشجيع صديقك على طلب الدعم والذهاب للأطباء المتخصصين، حاول أن تشجعه على كتابة ما يدور بذهنه في صورة أسئلة ليوجهها عند أول زيارة للطبيب أو المعالج النفسي.

“قد يهمك: ما هو البهاق، وقد يهمك: أفضل مكواة بخار يدوية“

تقديم الدعم المستمر أثناء رحلة العلاج

ينتاب الشخص المكتئب الشعور بالرغبة في الانعزال عن الناس والجلوس وحيدًا في منزله، أيضًا ربما يشعر بالضيق من الذهاب للطبيب المعالج وتناول أدوية الاكتئاب. هنا يجب أن تواصل تقديم الدعم خاصة في مرحلة العلاج. عليك أن تحفزه على الاستمرارية وتُشعره بأن جلسات العلاج لها صدى ومردود إيجابي عليه، وتشجعه أن يتحدث مع الطبيب النفسي في أي أمر يشعر بالضيق تجاهه مثل تغيير نوع مضاد الاكتئاب تفاديًا لأعراضه الجانبية.

عدم تهوين معاناتهم

تقديم الدعم أمر مهم لمن يعاني من أي اضطرابات نفسية عقلية، ولذلك لا تحاول أن تستهين بهذا الأمر، خاصة إذ لم تكن مررت به في حياتك. حاول دائمًا التحدث لصديقك عن إيجابياته وأكثر الصفات التي يتميز بها، كن صبورًا ولا تركن إلى العبارات مثل” انظر إلى كل ما تملكه من أشياء قيمة” مستهينًا بمشاعر الحزن التي يشعر بها؛ إذ أنها في كثير من الحالات تكون مشاعر لا يُمكن التحكم بها أو مغالبتها بسهولة.

تقديم المساعدة في الأعباء المنزلية

كما ذكرنا إن هذا المرض النفسي يستنزف من طاقة الشخص ويجعله غير قادرًا على ممارسة حياته بشكل طبيعي، ماذا لو ساعدته في إتمام بعض المهام، مثل: شراء احتياجات للمنزل أو إعداد الطعام. مثل هذه الأمور ستجعله يشعر بالامتنان لك، وسيشعر بأنه ليس وحيدًا، ويوجد من يدعمه ويحرص على التخفيف عليه.

التعرف على أنواع الاكتئاب والقراءة عنها

كي تستطيع دعم صديقك أو أحد أقاربك في معاناتهم النفسية، لابد أن تعرف عن الاكتئاب، أنواعه المختلفة، وما هي الأعراض المصاحبة لكل نوع. تستطيع التحدث إلى الشخص المكتئب ولكن بشكل ودي دون توجيه الأسئلة المباشرة له. التعرف على هذا المرض النفسي سوف يساعدك على فهم احتياجات الشخص المصاب به، مما يساعدك على تبادل الحديث معه ويعود بالنفع عليه.

“اقرأ عن: السعادة الزوجية“

هل يمكن التعامل مع الاكتئاب دون اللجوء لمضادات الاكتئاب؟

يستطيع الإنسان أن يساعد نفسه من خلال القيام ببعض الأنشطة الحياتية والتي من الممكن أن تخفف شيئًا مما يعانيه، نذكر بعض الخطوات التي يمكن تنفيذها وستعود بآثار إيجابية على الشخص المكتئب:

الاهتمام بالحياة الاجتماعية

الاندماج مع الأصدقاء والأهل ومشاركتهم مناسباتهم واحتفالاتهم قد يزيل إحساس الوحدة، والحزن، والقلق الناتج عن هذا المرض النفسي، لا تلق بنفسك إلى العزلة وحاول أن تتواصل مع أصدقائك خاصة إذا كنت تشعر بالضيق.

ممارسة الرياضة

توجد العديد من الدراسات التي أشارت إلى فائدة ممارسة الرياضة وتأثيرها على الصحة النفسية؛ إذ أن ممارسة التمارين الرياضية تساعد على تعديل وتحسين المزاج. إذا كنت لا تمارس الرياضة، امش فقط لمدة 20 دقيقة؛ سيحسن ذلك من حالتك النفسية، كما ستحصل على فوائد الرياضة الأخرى.

تبني نظام حياة صحي

لا شك أن أسلوب الحياة قد يؤثر على الحالة الصحية والنفسية للإنسان، لذا حاول أن تغير عاداتك في الأكل. تناول طعامًا صحيًا، وابتعد عن المشروبات المحتوية على الكافيين أو اشربها باعتدال، وتوقف عن شرب المشروبات الكحولية والمشروبات الغازية؛ فهذه أهم طرق كيف تكون بصحة جيدة.

تحدثنا في هذا المقال عن أسباب الاكتئاب “Depression”، والأعراض التي تظهر على المريض بهذا المرض النفسي، وكيفية التعامل مع من يعاني من اضطرابات مزاجية في 6 خطوات، وسردنا بعض الطرق التي قد تساعد الشخص المكتئب على تجاوز هذه الحالة المرضية بعيدًا عن تناول أدوية ومضادات الاكتئاب.